كانت مصرة أن تأخذ أرواحا عديدة

2.5K 141 9
                                    

نهضت بسرعة قائلة " حالا و سأكون جاهزة يا أبي " صعدت تجري لغرفة خليل ، قفزت فوق أخيها توقظه وتلعب في شعره "خلييييل انهض بسرعة " أزاحها عنه وعينيه شبه مغمضتين "ماذا هناك ..هل أصبت بمس أم ماذا ؟" أجابته "انهض وجهز نفسك سنخرج مع أبي حااالا ..هيا انهض والا لن ننتظرك " نهضر منزعجا وهو يتسائل ما بها هذه، نصف ساعة كانوا أمام سيارة أبيهم ..جلست مريم جانب السيد محمد وجلس خليل وراءا ..انتبه هذا الأخير لتوتر أخته ، عندما سألها عن ذلك لم تجبه ..ظلوا صامتين طوال الطريق كل على حاله ..تنهدت ووضعت رأسها فوق نافذة السيارة سرحت بها ذاكرتها لأزيد من أربعة عشر سنة، كان يوما جميلا مشرقا لم يكن يعلمن أن القدر  يخبئ لهن شيئا غريبا ..وسيكون هذا أخر يوم لهن معا..  يدها في يد صديقتها المقربة زينب عائدات من تلك المدرسة التي لطالما تقاسمن فيها المقعد الدراسي ودعن بعضهن بحضن كبير ، و سلكت كل واحدة طريقها لبيت أهلها .. وصلت مريم إلى منزل والديها وجدت الباب مفتوحا وأخيها يلعب أمامه بدراجته الهوائية لا يكاد يقف بها حتى يقع ضحكت مريم ثم دخلت وجدت والدتها تقوم بتطريز ثوب لها، قبلت يدها ووضعت حقيبتها جانبها سألتها والدتها قائلة " هل يزال أخيك عند باب المنزل ؟" أجابتها قبل أن تأخذ تأخذ كأس الشاي لفمها "نعم  ..لا يزال منشغلا بتلك الدراجة مصر أن يتعلمها " أجابتها وهي تخرج الإبرة من الثوب " دعيه يلعب قليلا " أخرجت لوازمها الدراسية بعد أن أكلت وهمت بحل واجبها المدرسي ...بعد لحظات دخل والدهم وجانبه خليل "السلام عليكم " أجابته مريم ووالدتها "وعليكم السلام كيف مر يومك " أجابها وهو يخلع حذائه عند باب الغرفة " الحمد لله .. " طلب من زوجته أن تسكب له كأسا من الشاي طلبت من مريم أن تضع الإبريق  فوق النار ليسخن قليلا ..بعد لحظات عادت مريم وبيدها الإبريق سكبت لوالدها ومدت له الكأس "  كم كنت بحاجة لهذا الكأس سلمت يداك يا ابنتي  " ابتسمت له مريم وعادت لمكانها تنهي واجبها الدراسي ..مر ما تبقى من اليوم تعشوا وأوا إلى فراشهم ... في تمام الساعة الثانية والنصف وبأمر من الله عز وجل بعد أن غط الجميع في نوم عميق تحركت الأرض نتيجة هزة قوية مدمرة لم تكفي لتوقظ إلا مريم .. لم تعي ماذا يدور حولها  فقط خيل لها أنها تحلم بعد دقيقة عادت هزة أقوى من الأولى كانت كافية لتقذفها من على سريرها .. تأكدت أنه زلزال لا شك في ذلك يجب أن أوقظ أبي وأمي وقبل أن تكمل جملتها اهتزت الأرض مرة أخرى  أتى بعدها صوت ارتطام قوي بدأت تبكي  وأوت إلى ركن غرفتها  لكي لا يقع فوقها سقف الغرفة هذا ما تذكرته من كلام معلمتها ، نهض الأب مذعورا من هول ما رأى، زوجته تحت أنقاض سقف الغرفة لا يرى منها إلى وجهها ورجليها  لا تزال على قيد الحياة حاول تخليصها من ذلك الحجر  لكنها قالت له بلهجتها الريفية " دعك مني خليل لوحده سيكون خائفا ومريم أيضا أخرجهم من المنزل بسرعة " لم ينصت لها وظل يزيح الحجر إلى أن صرخت في وجهه " قلت لك دعك  مني!!! لن أسامحك إذا حدث شيء لهم أقسم لك أني لن أسامحك !!! نظر لها مطولا ونهض يركض نحو غرف أبنائه وجد خليل يبكي أخذه في حضنه ومر لغرفة مريم ناد باسمها بصوت عال فالتيار منقطع ولا يرى شيئا  كانت في نفس الركن أجابته بنبرة باكية "أنا هنا يا أبي" اتجه نحو الصوت و أخذ وجهها في يديه وقال محاولا  تهدئتها " لا تخافي  حبيبتي أنا هنا سنخرج حالا  تمسكي بيدي جيدا " سألته وهي تبحث عن ظل والدتها  "أين هي أمي "  أجابها وهو يجرها من يديها " ليس لدينا الوقت هيا بنا " نزلوا سريعا والأرض تهتز تحتهم تكاد توقعهم     ركضوا أمام المنزل " انتظروني هنا حسنا سأعود بوالدتكم حالا " تركهم في خوف وظلام وبرد وجرى مسرعا نحو البيت صعد وسط ظلام دامس ناد باسم زوجته لكنها لم تجبه عاود الكرة و لا من مجيب تقدم بسرعة نحوها فوق أرض ترقص رقصة الموت فسمع أنينها ،أخفقت دقات قلبه  بقوة لذلك الصوت قال بصوت خائف وهو يزيح بعض الحجر عنها " أنا هنا  يا حبيبتي .. لا تخافي أنا هنا  لن أتركك هنا " لم تتوقف تلك الهزات الأرضية كانت مصرة أن تأخذ أرواح عديدة تلك الليلة بمدينة الحسيمة ما هي إلا لحظات حتى انهار  البيت أمام أعين مريم وخليل وسط دهشة منهم .. كيف لأطفال في ذلك السن أن يستحملوا ما وقع ...

مسلمة في لندن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن