14. بين الحلم والحقيقة

1.8K 198 206
                                    


#لايدا

" لقد أخطأتِ.." همس ديرما بخفوت بينما يجول حولي ، بيده عصًا حديدية قاسية يحركها بنمطية فوق كفه.

أحاول الحديث فأعجز عن إخراج أي حرف ، صدري يعلو ويهبط بعنف صافعًا رئتاي وكل ما يوجد بالداخل..يحرك القابع أمامي رأسه في هدوء ويكمل.

" لقد خنت كل من كان يحبك."

لم أفعل ! كنت أود أن أصرخ بوجه..أفرق شفاهي فتحرك الهواء فقط وكأنها لم تعد تعمل.

" ماتيلدا ، هايدي ، هيدال..العمة التي تسكن بجواركم أيضًا ، ماذا كان أسمها ؟ سوزي..؟"

يخفق قلبي بشدة عندما يذكر تلك الأسماء الأربعة..ينقلب المحيط من حولي فتبدأ الأجواء بالتبدل الى أن تكتمل الصورة دريجيًا ،وكأنني قد عدت مع ديرما للماضي القديم.

" لقد كانت أختك التوأم ، كانت تفعل كل شيء لأجلك..فقط لأجلك." يلفظ ببطئ..وألمح ماتيلدا ذات الأربعة عشر عامًا تهرول وسط قريتنا بجد.

تلتصق خصلات شعرها الشقراء المتعرقة بجبينها بينما تلهث بخفة ، من الإسطبل للمزرعة ، من المزرعة للغابة ، من الغابة للمخبز ، من المخبز للمنزل..يتمد كفها الصغير ليحيط بجبين فتاه ما.

أنا.

متوردة الوجنتين بقدر من الحليب وسط يداي ، أتذكر ذاك اليوم جيدًا.

كنت مصابة بالحمى بعد حرب مع الأبقار ، سحبت مني الحليب لتضعه جانبًا وتجهز حمامًا باردًا لاطالما برعت في تحضيره ، وضعتني بالداخل وأخذت تحرك المياه على وجهي بإستمرار.

'أنت بخير' ، 'لا بأس' ، 'إنها مجرد حمى' ، 'فور أن ينتهي حمامك وأقبلك على جبينك ستذهب الحمى بعيدًا'

جمل طفولية تمامًا ، جمل طفولية تمامًا كانت تتسلل من بين شفاهها لتجعلني أسترخي كطفل في الخامسة.

شاهدتها أمام عيناي تلفني بالمنشفة الطويلة وتسحب جسدي المغلف بينما تقترب مني ببطئ..أكثر فأكثر..

وتتكسر الصورة فجأة ليقفز ديرما أمامي..يقترب مني ببطئ مشابه لماتيلدا ، ويهمس " لقد خنتها..حتى عندما كنتِ معها وعندما هربت ، أنتِ تخونينها منذ ولدتما ، تستنزفين كل إنش بها وثم تلقينها بعيدًا كدمية عفا عنها الزمن ، أنتِ بشعة."

تتوسع عيناي تحت تحديقاته..كلماته تبدو كسهام صوبها بدقة نحو صدري لتقتحم فؤادي فترتعش أطرافي تلقائيًا.

هل سيتوقف حين أصرخ بأنني لست كذلك..؟ لا ، إذًا إستطعت أن أصرخ..فهل حقًا سأصرخ بأنني لست كذلك ؟

أليماندرا- | الطريق لك |حيث تعيش القصص. اكتشف الآن