23. الملك يموت أولًا.

1.5K 174 227
                                    



هيدال.

"أعتذر هيدال، علي أن أذهب."

كانت جملة قصيرة بصوت هانز الرقيق، هانز؟ هانز..يبدو الاسم غريبًا أكثر كلما أنطقه أكثر. وكأنه كان يحظى بفترة وجيزة في ذاكرتي ثم ما عاد له مكانًا.

التفت فقابلني ظهره الضئيل مرصعًا بعدة طعنات جفت دماؤها. يعاتبني صامتًا.

حركت عيناي لليمين قليلًا حيث وقفت فتاة يافعة تداعب جديلتيها الشقراوتين..لايدا، ولم يحدث أن رمقتني أعين بهذه النظرات الممتزجة من قبل.

هي خائفة، تبدو خائفة جدًا. ومع ذلك لا يرمش لها جفن كجنديٍ وسط صيحات الحرب. هشة لتلك الدرجة التي تمنعني من لمسها، وصلبة كأنها الجبال التي لم تنحني يومًا. من أين لها كل هذا؟ من أين لها الحقد والحب والدمع والدماء في آن واحد؟ ولماذا يلح علي قلبي أن أقترب..؟

إقتربت خطوة للأمام، يقولون أنك اذا لم تفعل ما تمليه عليك نفسك فستعتقد دائمًا أنك فوت فرصة نادرة لن تعود مجددًا..وفي حالي كانت الفرصة هي تراجع لايدا المذعور للخلف.

لم تنطق ببنت شفة، هي فقط إبتعدت، تلاشت كأنني سراب لا أستحق نظرة عطف واحدة.

على يمينها كان تورو، على يمينه كان سباستيان، على يمينهما كانت أمي. جميعهم كانوا يوجهون لي تلك النظرة البائسة. نظرة تقودني للجنون.

يغمسون أجسادهم في الظلام حتى لا أرى منهم شيئًا، لقد إختفوا..ولقد تُركت وحيدًا تمامًا.

أطالب حبالي الصوتيه بالصراخ. إصرخي بكل ما أوتيتِ من قوة..نوحي كالنساء الثاكلات هنا حيث لا يراني أحد، أدفعي بكل ما في دواخلي للخارج..وماذا في دواخلي؟

لا شيء. إنها خدعة الحياة مجددًا، تَعتقد أنك مُثقل حتى لا تستطيع النجاة وانت في الحقيقة خاوٍ كغرفة فارغة حتى من الهمس.

رفعت جسدي بسرعة وراقبت صدري المتعرق يعلو ويهبط سريعًا. السماء الضيقة من النافذة مظلمة يتوسطها هلال نحيف وحيد، كل شيء موضوع في مكانه بعناية.

وشاحي المعلق خلف باب الغرفة الخشبي بإعتدال، خمسة خناجر وسيف وبعض القنابل المجهزة على طريقة سورد تستقر أسفل طاولة دائرية صغيرة في الركن، في الركن الآخر يوجد عدة أوشحة للتدفئة..في الوسط هناك سرير متوسط الحجم والجودة نامت فوقة نينا كذئب متربص. هي مستيقظة لا محالة. وبعد عدة أقدام جلست أنا، أبعثر اغراض النوم من تحتي عبر حركاتي العشوائية الفاقدة للسيطرة.

أرغب بالبكاء للسبب مجهول، ولهذا أرخيت أناملي فوق عيناي مترقبًا ملمس الدموع. ذاك الملمس الذي بدى لي ثمينًا جدًا. لكنها لم تسقط.

وضعت في تلك الخانة التي تفقد أعصابك بها على أي تنفس لم يَخرج على هواك، إستقمت غاضبًا وخلعت ملابسي العلوية الممتلئة بالعرق ثم حملت عبائتي ووضعتها فوق كتفاي ورأسي وأجذبت المقبض.

أليماندرا- | الطريق لك |حيث تعيش القصص. اكتشف الآن