24. لا تُعطهم ظهرك.

1.4K 174 250
                                    

عام .9032
حدود مملكة بلاد الجوع، مقر مجلس الشيوخ.

لايدا.

صمت..كنت كسحابة وحيدة وسط صمت السماء، هناك حيث لا أندثر فأهطل كأمطار منتظرة..حيث لا أجمح فأتلاشى مع الرياح، حيث لا رياح من الأصل.

هناك حيث لا تقوى جفوني على الإفتراق، ينبض قلبي بعنف كأنه يطالبني بأن يترك هذا الجسد البالي..حتى أعضائي كانت تأبى البقاء.

شددت قبضتاي مجددًا وكأنني سأجد القيود اليوم مفكوكة، وإستسلمت في ثوانٍ خاضعة لملمس يد غريبة تحشر سائلًا بطعم المعدن والملح في فمي، سائلًا بطعم..الدماء.

إنتفض جسدي عدة نفضات لم يبالي بها أيًا كان الواقف أمامي، كان مؤلمًا..كيف يربطني بكل قسوة ممكنة. حتى لا أفلت، كيف لا يلين قلبه مرة واحدة فيتوقف عن ضخ كل ما يمكنه داخل دمائي..أي يوم نحن؟

في أي ساعة؟ في أي مملكة..؟ من هؤلاء؟ لماذا يبدو كل هذا غير حقيقي، لماذا هنالك شيء ما في صدري..شيء ضئيل جدًا..أسود جدًا، ينمو بإستمرار؟

مرت الدقائق بهدوء، أتوسل له يائسةً بأن يُفرج عني ويقابلني بصمتٍ إعتدته. لم أفقد أعصابي مرة واحدة. 'انا أستحق'. لا أعرف السبب لكنني أستحق، هذا ما يجب أن أصدقه..ما يقولونه، ما أسمعه عندما تمتص اذناي كل ما يمكن سماعه خلف باب هذا المكان، ومازال هنالك ذاك الصوت الذي يهمس لي مرارًا.

'الجميع يستحق.'

ما الذي يستحقه الجميع..؟ لا أعرف، لم يكمل جملته أبدًا. ربما لأنه ذاك الصوت الذي لا تستطيع أن تحدد ما إن كان صخب دواخلك أم همس خيالك. انت فقط تعرف أنه منك..هو انت. ولايدا لم تكمل جملتها أبدًا.

بعد عدة دقائق سمعت صوت الباب يُغلق معلنًا خروج زائري المؤقت، أرخيت جسدي وعزمت على الحصول على الراحة. تلك التي تلاتشت عندما داعب إحتكاك الباب بأرضية الغرفة مسامعي..هنالك زائر آخر.

زائر هادئ. متسلل..وكأنه غير مرحب به.

ترقبت بصمت متظاهرة بالنوم، او أنني لا أقدر على فتح عيناي في كل الأحوال. ترقبت ذاك الذي بدأ بفك قيود ساقاي فوق السرير المعندي فجأة..أكفف نحيلة غير مألوفة بتاتًا.

يهتز السرير بخفة حين يرخي ساقاي على أعالي كتفيه. العالم أسود لي..أسود لتلك الدرجة التي تجعل شعاعًا واحدًا من النور يتلف ناظراي، هنالك زائر يزيح مبلابسي عني ولا أراه. هنالك من يمرر أناملًا باردة على خصري ويرتفع ببطئ حتى صدري، ثم عنقي، ثم خدي..هناك من يطبع قبله ساخنة الأنفاس على فكي، ويهمس..

أليماندرا- | الطريق لك |حيث تعيش القصص. اكتشف الآن