26. متنصتٌ برفقة صاحبي.

1.4K 178 227
                                    





هيدال.

يرغب الناس بالحياة، ثم لا يرغبون. يريدون لو يتذوقوا كل ما قد لامسه النور يومًا ولم يبقى لهم منه شيئًا. فيكرهون أنفسهم حتى الضجر، لا شيء قاتل أكثر من العقل البشري.

إنها فقط جريمة من نوع آخر، يحاصرك عقلك في الزاوية ملقيًا كل أفكاره السوداوية على جسدك المجرد من أي حماية تذكر. انت وعقلك فقط. تتبادلون أوراق اللعب ويال الأسف، فانت تخسر دائمًا.

كنت أشعر بالشفقة..على من؟ لا أعرف، لم يكن علي التدخل..هذا فقط ما كنت أعرفه. لم يكن علي أن أكون هنا، أن أستمع لحديث سباستيان الذي سقط فوقي كصخرة ضخمة أرادت إنهائي للأبد.

كنت أدرك بأن هنالك ثلاثة يقتربون نحو الزقاق الذي امتزجت فيه رائحة القاذورات بالدماء، وكنت أدرك أن هذا هو الوداع، ليس ذاك الذي نختفي به من أمام بعضنا فحسب..إنه ذاك الوداع الذي يبدو كحضن طويل ضيق تفصله مجبرًا.

"يبدو أن لدينا بيدق غير مرغوب فيه." رفعت عيناي نحو المتحدث. جسد طويل بملابس رثة، تتسلل خصلات شقراء من أسفل قبعة المزارعين المبتذلة التي ارتداها.

لم تكن ملامحه واضحةً جدًا، لكنني رأيت المكر في عينيه وامتلك لسانًا من اؤلائك الذين لم أرغب بسماع هرائهم يومًا.

شددت جسد سباستيان النازف نحو صدري أكثر. كنت بالفعل غارقًا في بحر هائج من الذكريات..هل هذا دور سباستيان ليتركني خلفه؟ لم أرد سوى أن أقضِ دقائقًا هادئة مع صديقي الموشك على الموت، ولم يكن ذلك من حقي.

"يبدو أنه لم يفهم جيدًا أليس كذلك، صفر؟" هتف باستمتاع، واومأت إمرأة لا أرى من وجهها سوى أعين جادة هادئة قبل أن تتقدم نحوي فأرخي كفي فوق خنجري مترقبًا.

"الرجل مازال في الداخل..مازال حيًا." تمتم سباستيان مرهقًا. تهدج صوته بخفوت غير قادرًا على الإرتفاع أكثر. بدى وكأنه يحدث شخصًا ما، وكأنه يحدثهم.

"هل انت متأكد؟" سألته، وحدق بي صامتًا..مختنقًا، نادمًا.

"انا آسف، أعرف أنك تقرأ أفكاري الآن. لا تتحدث عن علاقتك بي أمامهم، لا تتحدث عن ما قلناه. تظاهر بأنك كنت مارًا ووجدتني نازفًا أمامك، تظاهر بأننا غرباء." شعرت بالحزن، وشعرت بلمسة من السخرية. لماذا علينا أن نتظاهر؟ لقد صرنا غرباء بالفعل.

أليماندرا- | الطريق لك |حيث تعيش القصص. اكتشف الآن