27. أين ماتيلدا؟

1.3K 170 158
                                    



مايڤ.

قيل لي من قبل أن المشاعر تجعلك ضعيفًا، فور أن يكتشف أحد فجوة من فجواتك العديدة فانت ميت لا محاله. لا يهم ما إن كان صديقًا أم عدوًا.

مشكلة المشاعر هي أنها قد تُستغل بالعمد من قبل خصمك أو تُضعفك بدون رغبة منك أمام حبيبك..أيًا كان الوضع، فانت ستجثو على ركبتيك كجندي مهزوم إذا ما كشف أمرك.

لأكون صريحًا ذلك لم يُقل لي، لقد استنتجته بنفسي عندما رأيت أبي يتخلص من أمي وأخوتي في قافلات التجارة التي يتم نقلها لمملكة بلاد الجوع. يتخلص من عائلتي كقمامة يلقيها لعابري الطرق.

لم أفهم قط نوايا أبي، لم أفهم كيف يفكر وبماذا يشعر، ماذا يجول في عقله، في ماذا يفكر عندما يرمقني بتلك النظرات الهادئة؟ لماذا انا؟ لماذا لست في هذه العربة الرديئة وسط أذرع أمي الهزيلة والمحكمة بذات الوقت، ولماذا لا أتشابك الأيادي مع اخوتي كما يفعلون الآن؟

كنت مريضًا منذ الصغر بمرض الغيرة. لا يهم ما إن كانوا في طريقهم نحو الفقر من قمة الغنى، لا يهم ما إن كان أبي قد اختارني عليهم جميعًا..لم أرد الملك، أردت حضن أمي وأيادي أشقائي فحسب.

عندما تظهر نقاط ضعفك تجثو كجندي مهزوم..لكن مايڤ لا يجثو. لم أرد لمايڤ أن يجثو. ابتلعت ما رأيت ومازال عالقًا في حلقي، تقيأته كل يوم حتى لم أقدر على النوم. أكرر أسماء أخوتي وأمي كل ليلة كمهووس ما حتى صارت كل ما أفكر به وكل ما أعرف.

أخفيت الأمر، أنا لم أرَ ولا اهتم. تظاهرت بالتصديق عندما زيف أبي قصة من مخيلته تفيد بكونهم في رحلة لخارج أليمندرا. لا أحد يُسمح له بالخروج من أليمندرا..لكنني تظاهرت بالتصديق. كنت طفلًا ذكيًا لا يبكي، لا يتذمر. طفلًا ظن والدي أنه سيشكله على هواه كطين رخو وجده على ضفاف النهر.

أدرت أن أفهم أبي، شعرت بالخطر..وبدى لي أن لا شيء سينقذني سوى أن أفهم.

عندما أجلس فوق كرسي الرئيس الآن يبدو لي ككرسي عادي سيُكسر بأي لحظة، لكنه يتلألأ كأنه حلمي الوحيد عندما أبتعد، حلمي الوحيد الذي نجحت في جعله واقعًا.

بدأ الأمر في الخامسة عشر عندما تعرفت على رجل في بيت لبيع الهوى، لم أرد الهوى ولم أرد الخمر..أردت شيئًا لم أعرف ماهيته بعد، أردت ما أدمر به كل القوانين حتى لا يبقى قانون غيري، شيء أتحكم عبره بكل شيء دون أن يلمحني أحد.

يقولون أن أي مكان تخطو إليه مُقدر لك..أنه درجة صغيرة ضمن سلم سيصحبك نحو الأفضل دائمًا. كل شيء مرتب بشكل منهجي أكثر مما تظن.

دفعني عقلي للذهاب لذاك البيت تحديدًا كي تجلس امرأة شبه عارية فوق ساقاي وأبتلع ريقي متوترًا، كي يتقدم رجل حسن المظهر، بدى لي أنه في عقده الثالث وربما الرابع، طويل القامة هادئ الأعين ويمتلك قدرًا كبيرًا من الثقة. كان ذلك واضح من مشيته، تحركاته، وكلماته. أشار للمرأة أن تنهض.

أليماندرا- | الطريق لك |حيث تعيش القصص. اكتشف الآن