2- عُمَرْ.

14.4K 960 82
                                    

"أنتَ إيه اللي جابت هنا! لأ وكمان البجاحة خدتك وليك عين تيجي هنا بعد اللي عملته!".

أحتدّ النقاش ونظراتها الحادة فتدخلت والدتها بينهم لتهدئة الوضع بينما تقول:-
"استهدوا بالله يولاد واقعدوا أتكلموا المشاكل مبتتحلش بالخناق."

حاولت مريم تمالك أعصابها المتوترة، تنفست بعمق تضغط على كف يديها بأصابعها في حركة اعتادتها لكي تكتم غضبها ومن ثُم نظرت في عينيه الخضراء بثبات وقوة ظهرت في نبرة صوتها الّىتي تحدثت بها بجديةٍ وضيق:-
"لو سمحت يا زين إحنا كل حاجه بينا انتهت خلاص، والشبكة بعتتها على بيت باباك، جاي تاني ليه؟"

تقدم منها خطوة بطيئة وعينيه هو الأخر معلقة على خاصتها، أمسك ذراعها برفق وهتف بصوت هادئ يستسمحها:-
"مريم أنتِ فاهمة الموضوع غلط، أقعدي أفهمك لو سمحتِ."

ابعدت يديه بعنف وهيَّ تبتعد للوراء خطوة أخرى وبصوتٍ حاد أجابته مستنكرة:-
"هتفهمني إيه يا زين؟ إنك خونتني مع صاحبتي؟ أصل أنتَ عيل أي واحدة تقولك كلمتين حلوين تروح معاها وترجعلي أنا الغلبانة اللي هتسامحك عشان ندمان، بطَّل شغل العيال وخليك مسئول عن أفعالك وتبعد عني لإني بجد مش عايزاك ولا عايزة أسمع منك مبررات أصلًا."

ألقى عليها نظرة يائسة امتزجت بغضبٍ وانصرف مغلقًا الباب خلفه بقوةٍ، لم تلبث هيَّ وتراخت أقدامها لتجلس أرضًا تبكي على خيبة أملها وحياتها، تحيط وجهها بكف يديها وبدأت شهقاتها في الأرتفاع حزنًا.

مازالت لا تصدق أن صديقتها وحبيبها كان كلاهما على علاقة معًا، صديقتها التي كانت معها دائمًا، صديقة كانت تعتبرها أختًا في يومٍ من الأيام، تخبرها أنها حزينة وتبكي بأحضانها وهيَّ لا تدري أن اليد الّتي تعانقها هيَّ نفسها اليد الّتي ستطعنها يومًا.

انحنت والدتها إلى مستواها واحتضنتها بصمت عمَّ المكان من حولهم، ربتت على شعرها بحنان وانهمرت الدموع على وجنتها هيَّ الأخرى بينما تقبِّل رأس ابنتها مردفة بحزن:-
"ليه يا مريم كاتمة كل دا جواكِ؟ لية مقولتيلناش اللي عمله وانا مكنتش دخلته البيت من أصله!"

احتضنتها مريم ودفنت وجهها في أحضان والدتها بحزن وبكت كما لم تبكي من قبل، لم تجيبها على سؤال هيَّ بالأصل لا تدرِ إجابته!

في اللحظة ذاتها دلف "عمر" ابن خالة مريم، كان الغضب يعتلي ملامحه هو الآخر فور رؤيته لزين الذي كان يدلف خارج الشقة وفور رؤيته لها كان يسرع بالولوج للداخل في قلقٍ أحتلَ قلبه وضيقٍ تملكه وهو يقول:-
"هو أي اللي جاب البني أدم هـ... مريم! أنتِ بتعيطي ليه؟ هو عملك حاجة؟ مالك؟" 

سرعان ما انحنى أرضًا بخوفٍ تملّكه وجلس بجوار مريم الّتي فور استماعها لصوته اعتدلت في جلستها تطالعه بصدمةٍ سعيدةٍ لتواجده وسرعان ما تناست الحزن للحظات تقول بإندهاش:-
"عمر! أنت جيت أزاي وأمتى! ليه متصلتش عرفتني؟"

يا سُكَّرِي الأَسْمَر.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن