17- مَشَاعِر غيرُ مُؤَكَّدة.

6.7K 526 43
                                    

هدوء عمَّ أركان الغرفة، انعدم الضوء سوى من ضوء بسيط تسلل من شرفة غرفتها، كانت نائمة على سريرها بتعب تنظر للسماء متنهدة بقوة، حزن تملك قلبها.. استحوذ عليه، جعل حياتها بلا معنى.. تحيى تنتظر فناءها، أحاطت وجهها بكفيها تبتلع تلك الغصة في حلقها وبدأت في البكاء، شعرت بلمساته على جسدها كأنها لا تستطيع التخلص منها، ذهبت تقف تحت صنبور المياة حيث تدفقت على جسدها بغزارة وأخذت تحاول محو أثار الأعتداد من على جسدها.

شعرت فجأة بأنها تهرب من المواجهة ولن يفيدها بشيء، تهرب حتى تجد حائطًا أمامها.. ليس لديها حل سوى البوح بما يخيفها ويقلقها، أندمجت دموعها من قطرات المياة وجلست هيَّ أرضًا بوهن وتعب وأخذت تخرج ما في قلبها عن طريق البكاء.

مر الوقت حتى خرجت وعادت مرة أخرى على سريرها، تسطحت عليه بشرود حتى دلفت والدتها الغرفة، وجدت أبنتها في تلك الحالة فأفتربت بهدوء تحتضنها وقالت بمواساة:-
"أحكي يا مريم.. أحكي عشان تنسي."

بدأت مريم في البكاء تحتضن والدتها بقوة كأنها خيط النجاة الوحيد لديها، تعالت شهقاتها وتمتمت في حسرة وهي تبتلع تلك الغصة في حلقها:-
"مش عارفة أنسى يا ماما، فاكرة كل حاجة وكل حاجة بتدمرني، أنا مبقيتش كويسة ومش عارفة أكون كويسة، قوليلي أنسى إزاي.. أنسى من غير كوابيس تفكرني وأرجع اتعامل طبيعي مبقاش بتصنع كدا، أنا عايزة أبقى كويسة يا ماما ومش عارفة."

ادمعت والدتها وهي تحتضن مريم بمواساة تربت عل كتفيها بطمئنة فأكملت مريم متخلصة بما في عقلها وتفكيرها:
"مش قادرة أتعامل طبيعي أكتر من كدا وانا جوايا خوف وقلق، مش قادرة أقرب من يونس غير وأنا بفتكر زين وبفتكر اللي حصل، انا عملت أي عشان يحصل فيا كل دا؟ هو أنا أستاهل اللي حصل فعلًا؟ أنتِ عارفة؟ أنا كنت فاكرة نفسي لما هقول ليونس إني بحبه هكون كويسة وأثبت لنفسي إني تخطيت اللي حصل بس هو ميستاهلش مني كدا.. ميستاهلش مني كل القلق اللي قلبي بيحسه لما بشوفه ، بيبقى شعور غصب عني بحسه، هو يستاهل واحدة طبيعية محصلش معاها اللي حصل معايا."

قبلت والدتها جبهتها وهي تقول نافية بحنان:
"أنتِ تستاهلي كل حاجة حلوة يا مريم، مفيش حاجة ذنبك ولا كل اللي حصل ليكِ يد فيه وصدقيني بكرا هتنسي وتبقي كويسة وكل دا هيعدي وأنتِ في اختبار من ربنا وهو مش هيسيبك ولا هيديكِ حاجة أنتِ مش قدها، ثقي في ربنا وكل حاجة هتبقى كويسة والله صدقيني."

تشبثت بها مريم تكمل بكاءها بقلب خائف لا يريد سوى أن يشعر بأن كل ما تمر به سيمر فهي لا تقوى على المواجهة، حتى الشخص الذي أحبها بصدق تشعر كم هيَّ مذنبة تجاهه عندما أخربته بمشاعر ليست متأكدة منها لتؤكد لنفسها أنها قادرة على التخطي ولكنها مع أول موقف يحدث وقفت تنهار بقلب منفطر لا يدرِ كيف يسير غير عابئًا بالحزن الذي يلازمها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في غرفة مخصصة للطعام كان يجلس يونس برفقة عائلته يتناولون الطعام في هدوء تسلله صوت ملاعق تتخبط في الأطباق الزجاجية بالأضافة إلى يحيى الذي تذوق الطعام بشهية ونظر لوالدته يقول منبهرًا بتلذذ:-
"أي الجمال دا كله يا فيرو بس هتخليني بعد م أتجوز آجي أنا وهاجر ناكل عندك كل يوم."

يا سُكَّرِي الأَسْمَر.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن