30- خَوفٌ مُشْتَرَك.

5.8K 495 198
                                    

"فاطمـة.. أنا آسفة."

قالتها بنبرةٍ مرتعشة باكية، نظرت لها فاطمة لا تستوعب ما تقوله.. كيف تجرؤ على الإعتذار من الأساس؟ تلك النبرة التي تتحدث بها برغم الندم الواضح بها ولكنها لا يمكن أن تغفر ما فعلته.

قطبت حاحبيها وتراجعت بجسدها للخلف بنفورٍ عندما اقتربت منها الأخرى، إقترابها منها أصبحت لا تقبله.. لا تقبل أن تحتضنها بحبٍ كعادتها ولا تقدر على مسامحتها كعادتها، لا تقبل فكرة أن اليد اللتي امتدت إليها بالورود كانت في إحدى الأيام تطعنها بدون تردد.

"آسفة على إيه ولا إيه؟ على إنك خونتيني ولا على إنك أختي؟ أنتِ فاكرة إنك عملتي إيه بالظبط عشان تتأسفي عليه! دا أنا كنت بشتكيلك منه.. كنت بجيلك مخصوص وأحكيلك بيعمل فيَّ إيه! جالك قلب تعملي فيَّ كدا.. طب إزاي؟"

أنهت عباراتها بنبرةٍ متحشرجة فاض بها الكيل، أكتافها أصبحت لا تقدر على حمل أعباءٍ أكثر وعينيها أصبحت لا تقدر على حبس الدموع بداخلها فسالت على وجنتيها بدون إرادة منها.

لم تستطِع الأخرى الإجابة عليها، لم تمتلك القدرة على الإجابة من الأصل.. أدركت بعد وقت لا يمكن العودة إليه وتصليح خطأها فتساقطت عينيها تنظر أرضًا في آسف لتكمل فاطمة بنبرةٍ تملّك منها الحزن والقهر على كلِ ما حدث:-
"جاية ليه؟ بعد م سابك زي م عمل معايا صح؟ عرفتي إني مكنتش بكذب وعرفتي إنه ناقص صح؟ أنا طول عمري يا نيرة بحبك وكنت بعتبرك أكتر من أختي بس أنتِ ضيعتي كل دا من إيدك بعد اللي عملتيه.. عايزاني أسامحك؟ على إيه ولا إيه ولا إيه!"

ابتلعت الأخرى تلك الغصة في حلقها، جففت فاطمة دموعها بقسوةٍ وقوةٍ.. نظرت لها بأعين مازالت تلمع قهرًا عاى ما آلت إليه الأمور وبصوتها المبحوح تمتمت:-
"عمري م هنسى اللي عملتيه يا نيرة، عمري م هنسى إني كنت بجيلك أحكيلك من اللي بيحصل وأنتِ كنتِ السبب فيه.. متجيش تطلبي مني أسامحك لأنك حتى متستاهليش دا."

عبارت قاسية في مظهرها ومؤلمة في قلبها، غادرت هيَّ لغرفتها تغلق الباب خلفها واستندت بظهرها عليه واجهشت في بكاءٍ مرير وهيَّ تجلس أرضًا تاركةً خلفها نيرة التي وقفت بمرارة بعد تلك العبارات اللتي القيت عليها، تستحقها وتدرك أنها تستحق أكثر من ذلك بعد ما اقترفته من ذنبٍ لن يتركها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بردت الأجواء وتدفأت هيَّ محتضنة الكوب الذي يحتوي مشروب دافئ ارتشفت بعضًا منه وهيَّ تنظر لعمر الجالس أمامها واضعًا يديه الممسكة للكوب خاصته على السور، رمقته بترددٍ ونظر لها هو مدركًا ما تنوي على قولهِ فقال ضاحكًا:-
"على فكرة مقفوشة أوي."

تحمحمت بأحراجٍ وهيَّ تحك عنقها بجهلٍ اصتنعته بينما تتسائل:-
"هيَّ إيه دي اللي مقفوشة؟"

يا سُكَّرِي الأَسْمَر.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن