12- سِّلْعة لِلتَهْدِيد.

7.7K 586 87
                                    

الهرب..
الملجأ الوحيد ليمضي في حياته، يهرب من السعادة والحزن، الضحك والبُكاء، اليأس والأمل.. يهرب منه ولا يجد سواه، أيهرب الأنسان من نفسه؟

الهرب من المواجهة ومواجهة الماضي خاصةً، يهرب من ذكريات ليصل لذكريات أخرى، كل الأماكن بداخله متشابهة.. سوداء كـ ليلةٌ غاب القمر فيها واختفت الأضواء.

لم يتوفر له حق الأختيار ولم يتوفر له حق الهرب، كان الحق الوحيد له هو المواجهة وقد كانت مواجهة ظالمة.. نتائجها كانت واضحة قبل أن تبدأ المعركة.

في غرفة ذات ديكور أبيض هادئ وأضائة بسيطة كان هناك سرير حديدي يتوسط الغرفة، جلس هو مستندًا برأسه على الوسادة وعيناه معلقة على سقف الغرفة بشرود.

مرت الدقائق والساعات وهو على تلك الحالة، ينام فاتحًا عينيه لا يتذكر ما حدث معه ولا يستمع لصوت هاجر التي كانت تتحدث بجواره، أنتبه فقط عندما وضعت يديها أمام عينيه تقطع شروده فنظر لها بأعين خاوية وملامح شاحبة يسألها بنبرة ظهر الأرهاق عليها:-
"في حاجة؟"

"ممكن تركز معايا شوية؟ كنت بقولك نتيجة التحاليل."

زفر بضيق بينما يتمتم:-
"هاجر بجد أنا مش ناقص خرف، هقولك كام مرة أني مشربتش البتاع الغريب اللي بتقولي عنه دا!"

بجدية رمقته وهي تقول:-
"خرف أي يا عمر التحاليل بتقول أنك كنت بتاخد مخدر الميثامفيتامين، أنتَ تعرف أي أعراض الأنسحاب أصلًا؟ تعرف أن نوبة الصرع اللي جاتلك دي واحدة من الأعراض؟ تعرف أن الهلوسة وفقدان الذاكرة تدريجيًا دي من الأعراض بردو؟ أنا مش عايزة غير مصلحتك يا عمر وعايزاك تبقى كويس فـ ممكن تسمع كلامي لأني مش هضرك؟"

أغمض عينيه بقوة يردف:-
"أنا مش فاكر أي حاجة من اللي بتقولي عنها، مش فاكر عن نوبة الصرع اللي صدعتيني بيها من الصبح دي.. آخر حاجة فاكرها أني دخلت الأوضة وفجأة لقيتني هنا في المستشفى، ياريت تقوليلي أي اللي جابني هنا بجد بدل حوار الصرع دا عشان مش داخل دماغي."

"اللي بيمر بنوبة صرع مش شرط يفوق منها فاكر اللي حصل على فكرة"

تأفف وأرجع نظره عند السقف مرة أخرى مردفًا وقد بدأ صبره ينفذ:-
"أنتِ عايزة أي دلوقتي طيب؟"

"عايزاك تتعالج على الأقل عشاننا يا عُمر، أحنا عايزينك معانا.. أنتَ متخيل مريم كانت منهارة أزاي وهي مش عارفة تساعدك؟"

"مبدأيًا كدا أنا محتاج أعمل مشوار ونبقى بعدها نبتدي رحلة العلاج اللي هطلع منها عُمر تاني دي"
قال عبارته الأخيرة ساخرًا فتسائلت هاجر بضيق:-
"هو دا وقت مشاوير يعني؟ مش هينفع يا عُمر أنتَ كدا هتكون بتأذي نفسك."

"اللي عندي، لو مش عاجبك نفكنا من رحلة العلاج دي وخلاص أنا أصلًا تكة وهسيب المستشفى الكئيبة دي وأمشي مبقيتش طايقها."

يا سُكَّرِي الأَسْمَر.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن