21- اَلْبَقَاء لِلَّهِ.

5.9K 520 155
                                    

في غرفة المعيشة يجلس كلًا من هاجر ويحيى الذي أحاط كتفيها بذراعه بينما مالت رأسه نحوها قليلًا ليستمع إليها بينما تتحدث ولكنها لاحظت شروده منذ عدة أيام فسكتت عن الحديث وهيَّ ترمقه بنظرة فهم مغزاها بالإضافة لعباراتها المصحوبة بتنهيدة:-
"بردو مش عايز تحكيلي مالك؟"

اعتدل في جلسته ومازال محافظًا على يديه التي على كتفها، زفر بهدوء يتمتم:-
"هقولك.."

رمقته بجدية وانصات واحتضنت يديه بدعمٍ بين راحتيها الصغيرة ولم تنبس ببنت شفةً تنتظره لكي يتحدث فسمعت عباراته المترددة وعيناه:-
"أنا وعُمر أخوات."

قطبت الأخرى حاجبيها بعدم فهم وتفوهت بأستفهام:-
"أيوة م أكيد يعني زي أخوك، مش فاهمة قصدك بردو؟"

نفى برأسه يكمل عبارته التي سقطت عليها كالصاعقة:-
"لأ مقصدش كدا، أنا وعُمر أخوات بجد.. من نفس الأب."

ضمت حاجبيها تستوعب ما قاله، اعتدلت في جلستها فابتعدت يديه التي كانت تحيطها وتسائلت هيَّ بإستنكار:-
"لأ مش فاهمة أخوك أزاي يعني.. أنتم الأتنين اساميكم مختلفة أصلًا! أنتَ يحيى رأفت وهو عمر سالم!"

قاطع حديثها الذي امتزج بنبرة متعجبة، صوتٍ ارتفع من الداخل ليونس فوقف كلاهما سريعًا يرون ماذا يحدث، فور دخول يحيى تلاقت عيناه في عين عُمر الهادئة، صمتٍ دام للحظات في أرجاء المكان وقطعه يونس بننبرة مرتفعة مُتسائلة موجهًا حديثه لوالدته:-
"مش فاهم أنتِ عملتي أي؟ حاجة اي اللي مش عايزة تقوليها؟"

لم تجِب ومن الأصل لم تملك القدرة للنظر في عينيه مباشرة، تابع الجميع الحوار الدائر بتردد وكانت هاجر وقتها مُدركة لما يحدث وادركت أن حديث يحيى كان صحيحًا وتسائل يونس مرة أخرى:-
"حصل أي يا ماما؟ مش راضية تتكلمي ليه؟"

تبدلت نظرات يحيى بين يونس ووالدته التي كانت تقف بصمتٍ ولحظات وقال بهدوء ملقيًا حديثه الجاد الذي صدم الجميع:-
"عُمر يبقى أخونا يا يونس."

صدمة ظهرت على ملامح الجميع، ذهول تملك مشاعرهم وبالأخص مريم التي كانت تنظر لعمر وتنتظر منه تكذيب ما يُقال.. على الأقل كانت تنتظر منه أن يخبرها بدلًا من أن تعرف مثلها مثل الغريب، لم تجده ينكر ما قِيل ولم يعارض، كانت مصدومة على عكس يونس الذي رمق والدته بسخرية، ارتفعت ضحكات يائسة وهو يتقدم منها مبتلعًا تلك الغصة في حلقه بينما يتحدث:-
"كان نفسي تيجي تحكيلي وكنت هصدقك، أنا كنت أعرف أن عمر أخويا على فكرة بس كنت مستني منك تيجي تعرفيني بنفسك.. لتاني مرة تخذليني، لتاني مرة استنى منك تيجي تقولي بس دايمًا بتفضلي الهروب والكدب."

القى عبارته وغادر، لم يلتفت وشعر بالخذلان ثانية.. كان يتمنى لو أنها جاءت وقالت لهُ من البداية، لم يكن سيتردد في مسامحتها ولكنها لم تأتِ إليه وقررت الصمت مرة أخرى وكان الصمت والكذب بالنسبة له أكثر ما يكرهه..

يا سُكَّرِي الأَسْمَر.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن