34- طُعِنَتْ كَما طَعَنَتْ.

5.2K 474 246
                                    

تراجعت عنه بخوفٍ، تساقطت المزهرية من بين يديها المرتجفة وارتعشت شفتيها بصدمةٍ وهيَّ تحاول أن تنطق بأي شيء.

ارتجفت قدميها التي لم تعد قادرة على حملها وتسارعت خطواتها بخوفٍ راكضةً نحو باب المنزل، ركضت بسرعةٍ منه ومما ارتكبته.

لم تنظر خلفها ولم تلتفت بعينيها، حتى أنها تركت الباب منفتحًا على مصرعيه ويظهر منه محمد الواقع أرضًا غارقًا في دمائه.

ركضت بأفكارها، بخوفها وبخيانتها التي وقعت على عاتقها تثقلها، هل ظروف حياتها حجة مناسبة لخيانةٍ اقترفتها؟ هل يستحق كسر قلب أختها ردًا لما حدث فيها؟ تسائلت بداخلها لماذا فعلت ما فعلته، لماذا طعنت أختها في قلبها بكلِ بساطةٍ؟ هل من أجل رجلٍ؟ أم من أجل أن تثبت لنفسها أن ما تتمناه تدركه؟ حتى لو ستطعن وتخون وتبكِ كذبًا؟

تثاقلت أنفاسها كما خطواتها السريعة التائهة، تطاردها الأفكار وهربت منها بحالةٍ مزريةٍ ولكنّ الذنب الذي اقترفته تدرك تمام الإدراك أنه لن يتركها بل سيزداد ثقلًا عليها كلما مر الوقت.

وعلى الناحية الأخرى جلس يحيى بجوار يونس، أحاط رأسه بيديه بتفكيرٍ لا يتركه ومن ثُم نظر للجالس أمامه بصمتٍ وتسائل بتنهيدةٍ:-
"شوفته؟"

"رأفت؟"

اومأ في صمتٍ ليجيب يونس بينما يديه تتخلل خصلاته الكثيفة ويرجع بظهره للوراء بأرهاقٍ:-
"أها، كان بيركب العربية وماشي."

"طيب إيه اللي هيحصل؟" قالها متسائلًا مرة أخرى بحيرةٍ امتزجت بالخوف على أخيه ليجيب يونس متنهدًا:-
"المحامي ماشي في الإجرائات، بيقول كل حاجة كويسة منقلقش."

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في زاوية من الغرفة الممتلئة بالأشخاص جلس عمر وحيدًا مع نفسه يفكر كيف سينجو مما حدث، عقله مليء بالأفكار التي لا تتركه وقاطعها صوت أجش ارتفع:-
"أنتَ ياض، معكش سجارة؟"

نظر حوله بتعجبٍ متسائل هل يوجه له الرجل الحديث! كان عُمر جالسًا في مكان ليس به أحد سواه فـ عاد بأنظاره لتقع على الرجل ضخم الجسد الجالس متربعًا، قال مستفسرًا بخفوتٍ وإندهاشٍ طفيف:-
"بتكلمني أنا؟"

"أومال بكلم حماتي الله يجحمها! تعالى هنا ياض أقف قدامي!"

صرخ به الرجل بحدةٍ لينتفض عمر فزعًا من نبرته وشكله المخيف، تحامل على قدميه ووقف متجهًا بترددٍ، شكله كان لا يوحي بالخير، عيناه حمراء ووجهه امتلئ بعلاماتٍ لا تدل سوى على نتيجةٍ لشجارٍ دائم، بالإضافة إلى شفتيه الغليظة التي حملت سيجارة رديئة النوع ينفث دخانها بأعين ثُبتت عليه بتمعن.

سار حتى وقف أمامه ولم ينبس ببنت شفةً، رمقه الرجل بتفحص من رأسه لأخمص قدميه وبنفس النبرة الغليظة سأله:-
"جاي في إيه؟"

يا سُكَّرِي الأَسْمَر.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن