41- سمسم وسمسمة.

4.9K 518 123
                                    

في شارع شبه خالٍ من البشر، أضواء خافتة تصدر من أعمدة إنارة متهالكة وبرودة اجتاحت الأجواء فجأة عندما لفح الهواء البارد حجابها لتشدد من عناقه وهيَّ تشبك يديها بيديه وهمست متسائلة:-
"هيَّ الساعة كام؟"

"عشرة." أجابها يحيى بعد أن نظر في شاشة هاتفه لتقول هيَّ بدهشةٍ:-
"عشرة! أومال الشوارع فاضية كده ليه!"

"شتا بقى والناس كلها في بيوتها، مفيش غيرنا عمال يتمشى دلوقتي باين."

"على رأيك." قالتها ضاحكة ليبتسم هو وقبل أن يتحدث شعر بحركةٍ وصوتٍ خافت يدل على سقوط شيء لتنظر له وتتأكد إن سمع نفس الصوت فأجابها مطمئنًا:
"تلاقيها قطة، متقلقيش."

اومأت بصمتٍ ولحظاتٍ وكان يقف أمامهما شاب في بداية عمره، ظهر على ملامحه الحدة وأضاف إليها غلظة أكثر عندما لمح يحيى تلك العلامة الطويلة في جانب وجهه ولا تدل سوى على عراكٍ عنيف، وقبل أن يدرك ما يحدث من حوله كان يقول الرجل بغلظة وصوتٍ أجش:-
"خرّج أنتَ وهيَّ اللي معاك يالا!"

احتمت به بخوفٍ واحتضت معطفه وخرج منها صوتٍ مرتجف ورغم إرتعابها قالت مهددة وهيَّ تربت على ذراع يحيى بقوةٍ:-"كتكوتي مش هيسيبك."

توسعت أعين يحيى في دهشةٍ وصدمةٍ وحمحم بحرجٍ ومال هامسًا بصوتٍ وصل لمسامعها:-
"كتكوت إيه الله يسترك هتودينا في داهية."

ولكنها شجعته أكثر وهيَّ تنظر له وقبل أن تشجعه بالعبارات مثلها كان يرتفع صوت الرجل صائحًا بغضب:-
"إنجز ياض إحنا مش في عشة فراخ، خرج اللي في جيبك ولافيني الساعة دي يالا."

"استني بس كده يا أستاذ؟" تسائل في محاولة لتهدئة الواقف أمامه ليجيب الآخر بغلظة:-
"بسيطة."

ربت الآخر على ذراعه قائلًا في محاولةٍ لتخفيف حدة الوضع:-
"ما هيَّ بسيطة إن شاء الله، مقولتليش بردو اسمك إيه؟"

أبعد الآخر يد يحيى عن طريق سلاح أبيض يمسكه بيديه وقال بصوتٍ أجش:-
"اسمي بسيطة."

"ونِعم الأسامي، أنتَ تعرف يا معلم إن اسمك دا أكتر اسم ليه حظ في بداية السنة الجديدة؟"

نظر الشاب له مطولًا يستشعر صدق حديثه ورغم توتر بنبرة يحيى ولكن عيناه كانت ثابتة فقال الآخر بعد صمتٍ دام لثوانٍ عِدة:-"وأنتَ عرفت منين؟"

"جروب إحتواء حضرتك نزلوا قائمة الأسماء اللي ليهم حظ في السنة الجديدة، سبحان الله يا أستاذ بسيطة.. مُرزق من صغرك."

اقترب منه الرجل بغضبٍ ظهر على ملامحه الحادة وقبل أن يتحدث كان يضع الآخر السلاح على معدة يحيى وصاح بعصبيةٍ:-
"أنتَ بتستعبط يالا! خرج اللي معاك."

وقبل أن يدرك شيء كانت تتسع أعين هاجر بصدمةٍ وانحنت بسرعة تمسك بإحدى قوالب الحجارة الكبيرة وصدمت بها رأس الشاب الذي ترنح في وقفته بإعياء بينما ارتفع صوتها صارخًا برجفةٍ خائفةٍ ولكنها حادة:-

يا سُكَّرِي الأَسْمَر.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن