" ما رأيك أنت يا قصي ؟ "
نظرتُ لها بعدما أعادتني من شرودي في الواقفة بعيدا وحدها ثم قذفت
قطعة الحطب في النار أمامنا وقلت " الرأي رأي دُرر ولن أجبرها
على شيء وأنا حي أتنفس "
قالت خالتي بضيق " ويعجبك حالها هكذا ؟ "
مررت أصابعي في شعري ممسكا لرأسي على صوت جدتي قائلة
" بقي على ولادتها ثلاث أشهر فقط وما تزال تعيش في حزنها القديم
وأنت تتفرج عليها وتعلم أنها تحترمك وتقدرك ونراك ترفض مجرد
إقناعها والضغط عليها "
نظرت لها وقلت بضيق " إذا أتركوا الأمر حتى ولادتها لما الاستعجال ؟
أقسم أني لازلت حتى الآن أعض أصابعي ندما على سماعها ما قلت لكم
يومها , ولو أنها ماتت وابنها حينها لا أعلم ما كنت سأفعل في نفسي "
قالت أمي بحزن " كانت ستعلم إن عاجلا أو آجلا فالموت أمر
لا يخفى مهما طال الوقت "
قلت بقهر " كانت على الأقل أخذت وقتا كافيا ونسيت قليلا أو تلهت
بابنها , أنظري لحالها وكأنها لم تسمع شيئا مما قلناه , ولازالت
في جنونها القديم "
قالت أمي " وما الرأي الآن ؟ "
قلت بجدية " الرأي رأيها لا نقاش في هذا "
وقف حينها غياث الصامت طوال الجلسة وغادر بخطوات بطيئة حتى
ابتعد فقالت خالتي ناظرة له " كنتَ راعيت مشاعره على الأقل "
قلت بضيق " وما قلت أو فعلت ليغضبه ؟ ابنك يتحسس من كل شيء "
قالت جدتي بهدوء " هوا يضن أنكم ترفضونه بسبب ماضيه
الذي تعلم أنه لا يد له فيه "
تنفست بقوة مهدأ نفسي وقلت " جميعنا نعلم أن غياث سجن في الأكوادور
ظلما ولم تكن له علاقة بتلك القضية والمخدرات وضاعت سنين حياته
في السجن ولم أعتبر ذلك عيبا فيه أبدا "
قالت خالتي " إذا ما المانع أن تقنع شقيقتك لتوافق عليه ؟ فهوا
لم يقرر الاستقرار إلا بعدما رآها وقرر الزواج منها "
قلت بنفاذ صبر محاولا إخفائه قدر الإمكان " خالتي افهميني أرجوك
وارحموني جميعكم , فإن ضغطنا عليها فسنؤذيها أكثر , أتركوها تلد
ابنها ثم لكل حادث حديث , لما الاستعجال وهي ما تزال في عدتها "
قالت أمي بحزن ناظرة لها حيث تقف أمام الموج " لعلهما يكونا تضميدا