الفصل الرابع والثلاثون

18.5K 613 50
                                    

الفصل (34)#سيدة_العشق#ايمان_أحمد_يوسفشخصت عيناها بتلقائية عندما رأتها عن قرب ، فهي تشبه "أدم" الي حد كبير

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

الفصل (34)
#سيدة_العشق
#ايمان_أحمد_يوسف
شخصت عيناها بتلقائية عندما رأتها عن قرب ، فهي تشبه "أدم" الي حد كبير .. علمت انها شقيقته التي حدثها عنها و تأكدت عندما لمحت كرسيها المتحرك في الزاوية ..
تحمل جزءا كبيرا من ملامح شقيقها و كلاهما لا يشبهان أبيهما كأن بغضهما له أمحي بعضا من جيناته التي ورثوها عنه ..
فالألم يفصح عن نفسه عندما تري وجوهنا قد أصابها الشيخ باكرا رغم ريعانة سنوننا... و رغم صغر سنها الا ان وجهها الناعم يحمل تجاعيد جبلت من الآسي التي أذقته لها الحياة .. مسكينة حقا..
دفعها حنان قلبها الذي لطالما كان كقلب أم يرعي شقيقتاها لأكثر من خمسة عشر عاما .. الي الاسراع في عمل اللازم لها قبل ان تؤثر الحرارة علي دماغها ..
لازمتها الليل بأكمله .. تراقب حالتها و تسوي لها الكمدات الباردة لتخفض من لهيب جسدها المتقد .. ظلت هكذا حتي أوشك خيط الفجر أن يُولَد..
لم يتسني لها ابدال فستانها حتي ، بل ظلت ترتديه طيلة الليل رغم بغضها الشديد لارتداء هذا النوع من الثياب بسبب تبرجها الزائد و تقيدها لجسدها ..
بحثت بعينها عن مقعد تجلس عليه جوارها لتكون بقربها وتتمكن من متابعتها ، لم تجد سوي مقعدان بأظهر طويلة مزرقشة بأشكال متداخلة مطلية باللون الذهبي في منتصبه شكل بيضاوي منجد مغطي بقماش فاره لونه قرموزي..
من يراهم يزعم بأنهما انسلخا من صالون فاخر.. ليزيدا الغرفة رونقا بتقابلهما ..
كانا بعيدين قليلا عن الفراش .. مما دفع "الينا" الي سحب أحدهما برفق الي قرب الفراش لتجلس عليه .. بعد مجهود شاق اعاقها فيه فستانها و ثقل الكرسي .. جلست تلتقط أنفاسها اللاهثة .. بأعين مغمضة تقاوم النوم قدر المستطاع .. و لكن للنوم سلطان لا يقوي عليه قوي..
استسلمت لا اراديا لذلك السلطان و غفت مكانها .. حتي حل صباح يوم التالي..
......
فتحت عيناها بثقل كأنها كانت تنام نومة أهل الكهف .. رفعت يدها لتتحسس ذلك الشيء الموضوع فوق جبهتها لتجده منشفة مبللة .. تجعدت قسمات وجهها لتنظر حولها وتجد فتاة تجلس متكورة علي مقعدها لا يظهر منها سوي يداها المحيطة بجسدها و فستانها ..
فطنت أنها من المحتمل أن تكون تلك ،هي نفسها زوجة شقيقها .. ابتسمت بسعادة لمعروف تلك النزيلة التي قدمته لها .. هي حقا لم ترد ان يكون أول لقاء بينهما علي هذا النحو أبدا .. و لكن ذلك أفصح لها عن القلب الطيب الذي تمتلكه تلك الفتاة ..
استندت بذراعيها تحاول النهوض دون ان تزعجها .. لكن افسد المنبه أملها فقد رن بصوت عال جدا أيقظ تلك الأميرة النائمة ..
لتجد "دانه" تنظر لها بملامح خوف ممتزجة بأسف و مرح ..
لتقترب منها الأخري بلهفة قائلة : متتعبيش نفسك ارتاحي .. انتي عاوزه حاجه اجبها لك؟
رسمت علي ثغرها ابتسامة صغيرة ثم قالت : انتي الينا مرات أدم أخويا ؟
بادلتها الابتسام و هي توميء لها بالايجاب.. لتستطرد " دانه" حديثها مادحة جمالها : ماشاء الله اخويا محظوظ بيكي ..
ثم أكملت مازحة : انتي وافقتي عليه ليه .. انتي احلي منه بكتير..ههههه.
ضحكت " الينا " بحب علي روحها المرحة التي تضفي دفء غريب يلف من يحادثها .. ثم اجابتها : مش يمكن انا اللي محظوظة اني قابلتك .
ابتسمت "دانه" وكادت ترد و تتبادل اطراف الحديث معها لولا دخول عمتها عليهم لتظهر عليها علامات الضجر فور رؤيتها لـ"الينا" و تسألها عن سبب تواجدها بصوت يغلفه الغضب : انتي بـ تعملي ايه هنا؟
نظرت لها "دانه" نظرة لوم علي طريقتها الفظة ثم ردت هي نيابة عن "الينا" قائلة : انا كنت تعبانه من امبارح و "الينا" فضلت سهرانه جمبي طول الليل .. مسبتنيش لحد ما صحيت.
كانت " الينا" تقف بارتياب من تلك المشاحنات التي تضجر صدرها .. فأثرت الاستئذان في المغادرة قائلة : اسمحوا لي اروح اغير الفستان ده لحاجه مريحه وارجع.
حتمت حديثها بابتسامة هادئة لكليهما لتقابلها "بدور" بتجهم بينما بادلتها "دانه " وهي توميء لها بالذهاب قائلة : هستناكي علي الفطار نفطر سوا .
-أكيد .. مش هتاخر.
رفعت فستانها بيداها من الامام قليلا لتتمكن من السير و قبل ان تتخطي "بدور" استوقفتها قائلة بحزم: جهزي نفسك بالليل عشان في حفلة مهمة هعرفك فيها علي ناس مهمه .
أومأت برأسها قائلة : حاضر.
ثم انصرفت الي غرفتها لتتنفس الصعداء حينما دلفت اليها .. و تزداد غبطة عندما لم تجده بها لتخلع عنها فستانها علي الفور .. و تذهب للاستحمام.
...............
بينما " دانه" لامت عمتها قائلة : مالك يا عمتو بتعملي الينا وحش ليه كده؟
ردت عليه باقتطاب قائلة : انا مش بعاملها وحش هي دي طريقتي في التعامل .. تعالي يلا عشان اساعدك.
دنت منها مقربة كرسيها اليها .. لتزيح "دانه" الغطاء عنها قائلة : انا فعلا بحاجة للشور ده جدا بعد تعب امبارح.
لامتها "بدور "قائلة : قولت لك مليون مره اقفلي البلاكونه قبل ما تنامي عشان البرد .. بس انتي مش بتسمعي كلامي.
اردت ان تغير سياق الحديث الي شيء اخر فقالت : انا مكسوفه من أدم جدا يا عمتو.
-ليه يا قلب عمتك حصل ايه؟
- عشان اخدت منه "الينا" بالليل و سابته وفضلت قعدة جمبي .
- أدم مبيحبش حد قد ما بيحبك .. ثم انه كلمني بالليل وقالي انه راح يبات عند زين .
اندهشت "دانه" من ما سمعته وعقبت قائلة : ايه ازاي ده؟
دلفت بها "بدور" الي المرحاض وقالت : نكمل كلامنا بعدين .. خلينا نخلص شورك عشان نلحق معاد الفطار .
ادركت "دانه" تملص عمتها منها فأثرت الصمت حتي تسأل "أدم" بنفسها عندما تراه..
...............
أما "الينا" فبعد ان انتهت من تجهيز نفسها .. بحثت عن هاتفها لتتصل بشقيقتها "تقي" لتنقذها من تلك الحفلة التي تعلم جيدا ان عمة زوجها قد أعدتها لغرض ما..
- الو .. صباح الخير يا تقي ..أنا كويسه يا حبيبتي .. أيوه الحمد لله..
نظرت بتحدي الي الهاوية أمامها ثم اردفت قائلة : انا عاوزه منك خدمه يا تقي .
..........
في تلكما الاثناء كان "أدم" يخرج من يخته الذي اثر الذهاب اليه بدلا من الذهاب لـمنزل "زين" و يستقل سيارته الي القصر .. سمع صوت هاتفه يصدع ليسير الي وصول اتصال له..
نظر فيه ليجده شقيقه "ساري" ..
اوصل الهاتف بسماعته الهوائية الموضوعة في أذنه ثم رحب به قائلا بالانجليزية : مرحبا أخي الوسيم.
ابتسم "ساري" حينما سمع صوته ثم قال :النبي عربي يا أدم باشا..
قهقه "أدم" بقوة حينما تذكر انه قال له جملة مشابهة ليجعله يكف عن التحدث بالانجليزية .. عندما بدأت نوبة ضحكه تخف قليلا قال : كدا انتي بقيت مصري ميه في الميه هههه... ايه رايك تيجي لي النهارده و اعرفك علي دانه.
زم شفتيه بحزن ليعود الي التحدث بلغة البلد الذي ولد وترعرع فيها : كم كنت أود أن أنضم اليكم واتعرف عليها .. و لكني الان في المطار عائد الي استراليا اليوم.
أوقف "أدم" السيارة بجوار احد ارصفة الطريق ليسأله بغضب من عدم اخباره له مسبقا بسفره : ازاي ؟ وليه مقولتليش من قبل كده ؟!.. هو دا بقي السبب في انك تسيب البلد قبل ما ارجع لها و تسافر القاهرة قبلنا.
توقف عندما استشعر الغضب في نبرة صوته ثم قال : لا لم يكن هو بل اردت ان اكون بجوار والدي تعلم ان شعوري بالذنب مازل يلازمني لكوني انا السبب وراء ما حدث به.. السبب وراء سفري هو اني سأخضع لامتحاناتي النهائية بعد اسبوع .. كما ان المحامي الخاص لوالدنا أخبرني انه قد أوصاه اذا حدث له شيء يفتح وصيته علي مسمع و حضور مني .. لا تغضب اخي .. ساعود قريبا لاستقر معك في مصر صدقا .. ولكن ليس قبل ان اعمل بنصيحتك لي واغير من حياتي و اثبت للعالم ان الرجل ليس بعضلاته و جسده المنسق .. سأعود قريبا اخي و لكن ارجوك اعتني بأمي حتي أعود.
- لا تقلق عليها سأعتني بها جيدا .. ولكني سأشتاق اليك و الي مزاحك .. كن بخير و عد لنا سالما .
- انت ايضا كن بخير اخي .. الي اللقاء
اغلق الاتصال سريعا و عيناه مغرورقة بالدموع فهو لا يريد ان ينهار و يسقط اسيرا للحظات الفراق .. فهي اقسي لحظات الحياة..
ابتسم "أدم" لكونه بدأ يفتقد وجوده في حياته بعد ان اعتاد عليه .. يعلم انه سيعود رجل أخر غير الذي يعرفه الجميع خاصة بعد الحديث الذي دار بينهما قبل سفره الي البيت الريفي برفقة "الينا" ..
أدار محرك السيارة مستكملا طريق عودته الي القصر..
........
بعد مرور ساعة..
كانوا جميعا يتناولون طعام الافطار في صمت تام باستثناء "دانه" التي كانت تتناول لقمة و تتحدث بعدها مع "الينا" كانت تضحك وتمرح و تتعرف عليها .. احبت الحديث معها جدا.. مما ازعج "بدور" و جعلها تصيح فيها بغضب لتجبرها علي تناول الطعام في صمت ..
مما اقلق " الينا" قليلا.. وجعلها تستأذن لتذهب و تأخذ الفستان الذي ارسلته لها شقيقتها " تقي " : بالهنا اسمحوا لي انا خلصت ..
لم ترفع "بدور" وجهها عن صحنها و تجاهلتها بينما همست لها " دانه" قائلة : الفستان وصل ولا ايه؟
أومأت لها بالايجاب فقالت : طيب خديني معاكي نطلع نشوفه ..
ابتسمت " الينا " بحماس ثم قالت : يلا بينا.
دفعت كرسيها الي الامام لتخرج من الغرفة تحت انظار "بدور" التي ترمقها ببغض و كره كأنها عدوتها اللدودة ..
............
" واو فظيع .. اختك مصممة ممتازة "
قالتها "دانه" بانبهار بذلك الفستان الذي ارسلته "تقي" لتحضر به حفل المساء ..
ردت "الينا " قائلة : هي بتحب الازياء والفاشون و بتصمم معظم لبسها ولبسنا من زمان .. بس بابا كان دايما يرفض انها تشارك في أي مسابقات لمصممين الازياء ..
-حرام الموهبة دي متطلعش للنور .. دا انتي شوقتيني اتعرف عليها.
-هعزمهم يجوا نقضي يوم مع بعض و تتعرفي عليهم.. ايه رايك؟
ابتسمت "دانه "بفرح و قالت بحماس : موافقه طبعا.
-طيب يلا بينا نشوف هنستعد لحفلة بالليل ازاي.
استحالت ملامح "دانه" للحزن ثم قالت : لا انا مبحبش انزل الحفلات دي.
-ليه؟
لم تجب بل اكتفت بالصمت لتفهم "الينا" و هي تجثو على ركبتها أمامها قائلة : علي فكره ده مش مبرر يخليك متحضريش.
-انا مبحبش نظرات الشفقة اللي بشوفها في عيونهم ليا.
- هم لو شافوا ثقتك في نفسك و جمالك هيضفي علي أي حاجه تانيه .. صدقيني جربي.
انتظرت لبرهة تفكر ثم قالت : موافقة بس بشرط لو مرتحتش اطلع فوق تاني براحتي ...
قفزت "الينا" بفرح ثم راحت تدفع كرسي "دانه" بفرح لتشاركها جنونها صائحة : يا أحلي داااااااانه في الدنيااااااااااااا.
لتتعالي ضحكات "دانه" و تمتزج بضحكات "الينا" المجنونة .. و تجبر من يراقبهما علي الابتسام قسرا و فرحا ..
..........
اسدل الليل ستائره سريعا ..
كان المدعون قد بدأوا في التوافد علي القصر.. و كانت " الينا " تبرج "دانه" بعد ان ارتدت احدي الفساتين التي كان يحضرها "أدم" إليها بعد سفريات عمله..
انتهيا اخيرا بعد ان ارسلت لهم "بدور " اكثر من مرة تحثهم علي النزول ..
بينما "أدم" فأثر البقاء في غرفة المكتب يراقب وصلهما من خلف نافذته بعد ان اغلق انوار الغرفة حتي لا يكشف ترقبه لهم..
كانت "بدور" تقف مع صديقاته لتلومها احدهن بخبث : احنا زعلانين منك جدا يا بدور بقي أدم يتجوز من غير ما تعزمينا علي فرحة ولا حتي تقولي لنا انه خطب.
ردت عليها بحزم و ذوق : عمل فرحه في البلد في اسيوط .. و عملت لنا الحفله دي عشان اعرفكم علي عروسته ...
ردت عليها اخري قائلة : شاهي بنتي اول ما عرفت ان أدم اتجوز انهارت و..
لم تكمل حديثه فقد انجذب نظرها لتلك التي تدلف الي الحفل .. كسائر المدعوات اللاءي حدقن فيها.. كانا كساحرتين هبطتا لتخطف أنظار الحاضرات اليهن ليزدادوا حقدا عليهما..
ظهرتا في الوقت نفسه الذي وصل فيه رسالة لـ"أدم " علي بريده الالكتروني من "ساري" يخبره فيها أن والده قد نقل جميع شركاته في استراليا الي اسمه هو حتي ينهي " ساري" دراسته و يعطيه احداهما ..
كان يقرا الايميل مصدوما لا يصدق ما دوِّن فيه .. ولا يعلم غايته من اسناد تلك الشركات اليه وهو يعلم جيدا انه لن ياخذ منه فلسا واحدا..
أما " دانه" و "الينا " فكانوا يقفوا في الحفل كالدمي لا تروق لهم تلك الحفلة و كان الشعور متبادلا بينهما مما دفع "دانه" الي تحريضها علي الفرار منها قائلة : ايه رايك نهرب؟
-موافقة يلا بينا ..
رأتهم "بدور" ولكنها لم تستوقفها فهي تعذرهما فالجميع هنا أتي لسخر وينقض و يتملق ويرحل ..
ذهبت "الينا" لاصالها الي غرفتها ثم ساعدتها في تبديل ثيابها لترتاح قليلا فهي لم تشفي بالكامل من نزلة البرد التي أصابتها....
بينما "أدم" كان الفضول ينهش عقله وراء معرفة السبب الذي جعله يكتب أملاكه باسمه فهذا ليس عدلا .. و هو لا يرد ان تربطه به أي صلة لا املاك ولا غيره .. فهو ليس بحاجة لأملاكه..
قطع تفكيره اتصال "زين" ..
-معلش يا زين مش عاوز اتكلم دلوقتي .
-لا يا أدم أنا عاوز اقولك علي حاجه مهمه.
-حاجة ايه يا زين اتكلم.
- الدكتور اللي خلتني اجمع معلومات عنه طلع ابن خالة "الينا" و خطيبها ..
انتصب من مكانه لا يصدق ما سمعه الان .. فهذا ليس له سوي تفسير واحد .. انها من اخبرته عن اخته ليأتي ويعالجها ويكون بقربها دائما و لربما ليلتقيا معنا في قصره او لـ.. زئر بصوت عال وهو يزيح الاشياء عن مكتبه لتنزل علي الارض مهشمة و يغادر المكتب صعودا اليها وشياطين الدنيا تلحقه لتفعل بعقله الأفاعيل..
...............................
يتبع......
مع حبي:
ايمان احمد يوسف

"سَيِّدَةُ العِشقُ"  (ثنائية من جزئين)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن