Part 49

2.6K 228 0
                                    

إنتهى إسلام من غداءه ونظر في ساعته واذا به يرى المغرب بعد نصف ساعة تقريباً ، ابتسم لسلمى وقال بحماس :
- بصي اتوضي بقى وإلبسي نقابك وخليكي جاهزة ماشي؟
نظرت له بعدم فهم وقالت :
-ألبس ليه وهنروح فين ؟
تنهد بحماس وقال :
- هتعرفي كل حاجة في وقتها ، ثم أمسك هاتفه وإتصل على جاره الحاج ابو احمد وقال :
- السلام عليكم
إبتسم بطيبة وقال :
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، إزيك ياباشمهندس
- الحمدلله يا حاج كويس ، كنت عاوز حضرتك تبعتلي احمد لو مفيش مانع يعني
زفر بضيق وقال :
- عمــــــل ايه الواد ده تاني ؟ أستغفر الله العظيم دايماً كاسفني مع الجيران كده !!
أومأ برأسه نفياً وقال على الفور :
- لأ يا حاج معملش حاجة متخفش ، انا عاوزه في موضوع كده يعني
إبتسم قائلاً :
- مـاشي ياباشمهندس هبعتهولك حالاً ان شاء الله
وعلى الفور حضر احمد وطرق باب منزل اسلام ، فتح إسلام بمرح وقال :
- احمد باشا اللي مغلب الشارع كله ، ازيك عامل ايه ؟
- الحمدلله يا عمو ، كنت عاوزني في ايه ؟ وبسرعة معلش علشان عاوز امشي
ضربه على رأسه بخفة وقال :
- ياض مش هتبطل لماضه بقى ، المهم كنت عاوزك في مصلحة كده وليك من وراها هدية
أومأ برأسه موافقاً وقال :
- ماشي طالما فيها هدية انا معاك ، قول
ضحك رغماً عنه وقال متعجباً :
- قول ؟!! احم يلا ما علينا ، المهم يا سيدي تعرف تجمعلي صحابك كلهم ؟ ولو لقيت اي حد بيلعب تاني في الشارع هاته معاك
رفع حاجبه قائلاً :
- اجمعهوملك ليه ؟
إبتسم قائلا :
- هنروح مشوار سوا لحد آخر الشارع ولما نرجع هوزع عليهم هدايا حلوة
نظر له بعدم فهم وقال :
- هنروح لآخر الشارع وبعدين ناخذ هدايا ؟ وده إزاي بقى والا انت بتضحك عليا يا عم إسلام ؟
- يابني مش بضحك عليك ولا حاجة ، روح بس اعمل اللي بقولك عليه وتعالى بسرعة ماشي ؟
أومأ بنفسه موافقاً وذهب على الفور أحضر جميع اصدقاءه ووقف أمام منزل إسلام ينتظر هبوطه ، في خلال لحظات هبط إسلام ووقف أمام الأطفال ونظر لهم بحب وقال :
- هتفق معاكم إتفاق ، احنا هنروح نصلي المغرب سوا ماشي ؟ ولما نرجع هوزع هدايا عليكم كلكم إيه رأيكم ؟
أخذ كل منهم ينظر للآخر بعدم تصديق بينما قال أحدهم :
- هتوزع علينا هدايا فعلاً والا بتقول كده علشان نصلي ؟
إبتسم إسلام بثقة وقال :
- هتشوف بنفسك !
وبالفعل إصطحبهم إسلام للمسجد وهو في غاية السعادة ، ادوا جميعاً صلاة المغرب وعادوا معه الى المنزل ، وقف إسلام امامهم وقال بحماس :
- إستنوني هنـــا
صعد الدرج بسرعة وقال لسلمى :
- جــــاهزة ؟
أومأت برأسها إيجاباً وقالت بعدم فهم :
- لبست أهو بس مش فاهمة حاجة ؟
تنهد بحماس وقال :
- بصي اعملي اللي هقولك عليه وبعدين هفهمك كل حاجة ، أولاً حطي البلالين دي كلها في البلكونة ، بس متخليش حد يشوفك هاه ؟ يعني وطي راسك وانت بتحطيهم ، ثانياً انا هطلع احط اللعب دي في الدور الي فوق وبعدين أنزل ارص الحلويات دي قدام بيتنا وجاي حالاً
شهقت بخوف :
- هترمي الحلويات على الارض يا إسلام ؟!! وبعدين ليه ده كله ؟
- ياستي هرميهم ايه حرام عليكي ، أنا هحطهم بشكل معين كده علشان حاجة في دماغي ، وهتشوفي عملت كده ليـــه
وبالفعل صعد إسلام الطابق العلوي ووضع الألعاب على عدد الأطفال ثم هبط الى طابقه وأخذ يضع بعض الحلويات على الارض بشكل مميز ثم دخل لمنزله ، زفر احد الأطفال بضيق وقال :
- شوفت يا احمد اهو جارك ضحك علينا أهو وطلع وسابنا واقفين كده
تنهد أحمد بملل وقال :
- أنا كنت حاسس برضو ، بس هو وعدني لما نشوف ، خلينا واقفين شوية كمـــ...
وقبل أن ينهي جملته وجد الكثير من البـــالونات تتطاير عليه وعلى زملائه من كل مكان ، نظر للأعلى بذهول فوجد إسلام يغمز له بسعادة ، أخذ الأطفال يقفزون ويصرخون وكل منهم يحاول إمساك قدر ما يستطيع من البـــالونات ، ظلت سلمى تنظر لهم من وراء الستار بسعادة بينما خرج جميع الجيران ومعهم أطفالهم الى نوافذهم ليروا سبب تلك الصرخات الطفولية ، تحمس عدد كبير من الأطفال وهبطوا سريعاً الى الشارع كمحاولة لإلتقاط أي شي ، بعد قليل نادى اسلام على أصدقاء أحمد بصوت مرتفع وقال :
- إطلعو بســرعة في حاجة كمان على السلم
على الفور صعد الجميع وكادوا ان يسحقوا بعضهم البعض من كثرة الإصطدام ، نظروا امامهم واذ بهم يرون عدد كبيــر جداً من الحلويات فأخذ كل منهم يجمع قدر ما يستطيع ويضع في ملابسه حتى اصبحت الارض بيضاء تماماً ، تنهد كل منهم بتعب وسعادة معاً حتى قال لهم إسلام مرة اخرى :
- الهدية الأكلر بقى فـــوق
فور إنتهائه من جملته لم يجد أحد أمامه ، ضحك هو وسلمى وانتظر حتى يهبط الجميع ، وقف إسلام امامهم حتى لا يستطيعوا الهبوط للشارع وقال بحماس :
- مبسوطين ؟
أومأ احمد برأسه إيجاباً وكذلك أصدقائه وقال بفرحة :
- شـكرا يا عم إسلام ، الحاجات دي حلوة اوووي والله واحنا فرحانين بيها
إبتسم إسلام وقال :
- الشكر لله يا سيدي ، أي حد فيكم هشوفه في الجامع بعد كده هيكون ليه هدية عندي ، إتفقنا ؟
قال الجميـــع :
- إتفقنــــــا
ثم هبط كل منهم وهو ينظر للعبته تارة وبالونته تارة اخرى ويحسر عدد الحلويات التي جمعها هذا اليوم ، أغلق إسلام باب منزله وإرتمى على كرسيه بسعادة وقال :
- فرحت بفرحتهم واللـــه ، شكلهم وهم عمالين يجروا ورا البلالين ويلعبوا بيها في الشارع كده حلو اووي
ثم ضحك وهو يقول :
- ولا لما كانوا هيقتلو بعض علشان ياخذوا الحلويـــات ، والله أعلم عملوا ايه فوق كمان بقى
صمت قليلاً ثم قال بحماس ممزوج بالثقة :
- دي أول خطوة ، ولســه اللي جاي أكتر بإذن الله !
نظرت له سلمى بسعادة وقالت :
- ناوي على إيه تاني يا إسلام ؟ بصراحة فعـــلا الموقف ده كان حلو اوووي ومتهيألي عمري ما هنساه
إبتسم قائلاً :
- ناوي احببهم في الصلاة في الجامع
ثم ضحك وهو يقول :
- معلش بقى يا سلمى شكلنا كده هنقضيها فول لآخر الشهر ، كله بثوابه بقــى
نظرت له بفخر وقالت :
- ولا يهمك يا إسلام ، بس قولي هتعمل كده دايماً ولا ايه ؟
أومأ برأسه نفياً وقال :
- مش هقدر اعمل كده دايماً وخصوصاً انهم اكيد هيقولوا للشارع كله ان شاء الله ، بس برضو هتصرف متقلقيش ، يعني مرة حلويات بس ، مرة بالونات بس ، مرة أقولهم اللي هلاقيه في كل الصلوات في نفس اليوم هياخد ، مرة تانية اللي هيواظب على يومين ورا بعض ، كده يعني أسلمتي المهم يتعودوا بس ..
إبتسمت قائلة :
- ربنا يبــــارك فيك يا إسلام ويجعله في ميزان حسناتك
- آمين يـــــارب
____________________
مر إسبوع تلو الآخر وإزدادت التجاوزات الهاتفية بين هند وخالد بشكل كبير ، ومع زيادة التجاوزات إزدادات أيضاً آلام هند ، فقد تحولت حالتها من مجرد شعور بتأنيب الضمير الى شعور دائم بالاختناق والإحتقار ، كانت تستيقظ في الليل على العديد من الكوابيس وأيضاً تجد نفسها تبكي بلا سبب بل وتنهار من البكــاء ، شعرت أنها تكره ذاتها بحق ولم تعد ترى احداً او تخرج من غرفتها الا للضرورة ..
كلما كانت تتحدث مع خالد وتخبره بما تشعر به من ذنب كان يضحك منها ساخراً ويكمل ما كان يفعله ، رغم ضعفها أحياناً إلا أنها دائما ما تشعر بالوجع فور إنتهاء مكالماته ..
ظلت على هذه الحال عدة اسابيع حتى وصلت الى كره مكالماته ، لم تعد تستطيع رؤية إسمه على هاتفها او حتى لقائه ، لم تعد تستطيع أيضاً رؤية إسلام وكانت دائماً ما تتصنّع النوم عند حضوره ...
ظلت تفكر كثيراً في طريقة تحاول بها الإحتفاظ بخالد وأيضاً تتحاشى حالة الشعور بالذنب تلك ولكنها لم تجد ، أصبحت تحدثه تلك الفترة بلا روح ، تحدثه فقط حتى لا يغضب ولكنها لا تشعر بشيء سوا المرارة و الوجع ، كانت في بعض مكالماتها له تغضب عليه او ربما تصرخ أو تغلق الهاتف في وجهه ولكنها تعود مرة أخرى وتعتذر وتكمل ما كانت تفعله ، مرت عليها الأيام وكأنها سنوات من الألم والإستحقار والضياع ..
ولكنها في يوم من الأيام وأثناء محادثتها له لم تستطع الصمت والتحمل أكثر من ذلك لأنها صغطت على ذاتها كثيراً وهو مازال مسترسلاً في حديثه العفن ، صرخت به بأعلى صوتهــــا قائلة :
....

في الحلالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن