آمين الثامن بعد المئة

589 100 33
                                    

على مائدة الطعام تجلس أمي على يساري، وعلى يميني يجلس غريب. تخبرنا أمي أنه سيشكو كثيرًا إن لم نطعمه سريعًا، فننهض على عجلٍ لنقدّم له الإفطار. تقول أمي أن هذا الغريب سيبقى معنا لفترة مجهولة، فأُدهش لأنها سمحت لشخصٍ لا يمتّ لنا بصلة أن ينام ويصحو معنا! تبدو أمي حنونًا عليه، ويبدو هذا الغريب غاضبًا عليها دومًا. يناديني أحيانًا بألقابٍ مثل «حبيبتي» فيتوقف قلبي عن النبض لغرابة هذه الكلمة التي تصدر عنه، عن غريبٍ مثله.

تقول أمي أنه من أسماني، ولكنني لا أصدّقها، كيف للغرباء أن يسمّوا الأطفال؟ إنني لا أنتمي له، ولا ينتمي هو لمنزلنا الدافئ.
كان يبدو كقسوة الشتاء، صارمًا؛ وتبدو أمي كأزهار الربيع، دافئة.
بقي معنا هذا الغريب عدّة ساعات، آلت أيامًا، يمارس نفس الحركات المعتادة. يستيقظ متذمرًا من الإزعاج، يتناول الطعام شاكيًا عدم نضجه جيّدًا، يستلقي على أريكته عدّة ساعات ويتشاجر مع المارّين من جانبه. يدخل غرفتي فيسألني بضعة أسئلة ثم يعود إلى غرفته لينام.

عاش معنا هذا الغريب عدّة سنوات، ويبدو أن أمي الطيّبة ترأف بحاله وتشفق عليه؛ لذلك لا تنوي طرده.
لكنه بدأ يضايقني. هذا الغريب الذي لا أشعر تجاهه بالحب، أنزعج كلما تحدّث معي، أتجنبه قدر الإمكان، وأنا أتذكر جملةً ترددها أمّي دومًا على مسمعيّ:
«لا تسمحي للغرباء بدخول المنزل».

حيث تُتلَى الخيبةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن