الثاني والعشرين:

2.1K 59 44
                                    

يجلس قصي في القاعة ينتظر المحاضرة كان يجلس وحيداً وعلى وجهه علامات التعب الشديد. لينتبه فجاة على جلوس شخص جانبه ليلتفت يرى قيس الذي يرمقه بندم واعتذار لكن أشاح بوجهه عنه ولم يتكلم وهذا ليس الطبيعي بين قيس وقصي فدائماً كان جلوسهما صاخب ولايخلو من الاحاديث حتى عندما لم يجدوا مايتحادثونه يبدأن بالضحك أو بالسخافة وهكذا
هتف قيس بندم : قصي مش هتحكي حاجة
صمت قصي ولم يجب ولكن داخله وجع عظيم ليتابع قيس باعتذار وحزن شديد : قصي أرجوك متبقش كدة
وربنا أنا بنفسي مش عارف ازي كنت حيوان كده وضربتك حقك عليا ياصاحبي سامحني ياريت متت وممدش ايدي عليك ياحبيبي وربنا الكلام اللي قلته مش قاصده عاوز اعمل ايه عشان تصدقني
أما قصي لم يتكلم فيكفيه مافيه ولاينقصه شيءسيحاول الهروب من ليث الذي كان يعتبره نعمة وتحول الآن إلى نقمة وسيؤسس نفسه بعيداً عن الجميع
ليهتف قيس بحزن : مش ناوي تقول حاجة ياقصي أرجوك قلي اعمل ايه عشان تسامحني
مازال قصي يتجاهله ليمسك قيس يديه وبدأ يضرب نفسه بقوة بيد قصي الذي لم يستوعب فعل الآخر الذي هتف بوجع ورجاء : ارجوك اضربني اصرخ عليا هبقى ساكت قلي اعملك ايه عشان ترضى أرجوك ياقصي أنت عارفني أني غبي وأكيد واثق ان مش كده رأيي بيك قصي أرجوك سامحني طب قلي اعمل ايه
تأثر قصي به لكن وجعه الآن أقسى من تأثره ثم أرخى يده من يد قيس
قصي بحزم مصطنع : متعملش حاجة بس ابعد عني مش عاوز منك حاجة
كاد قيس أن يتكلم لكن استمع لقصي الذي نظر له بخيبة أمل هاتفاً بكسرة : أنت ياقيس تعمل كده بيا عارف ياقيس ع الرغم أنه بابا ضربني وعذبني اوي واهاني بكلامه أوي وكل دا كان يوجعني ب بس عارف أنت وجعتني أوي اكتر منه أنت اللي أهانتني أكتر منه مش هقدر أوثق فيك تاني ياقيس وحتى رايي معدش هقدر أعطيك بالراحة زي زمان علاقتنا انتهت ياقيس خلص ابعد عني
نظر له قيس بصدمة هل قال أن علاقتهما انتهت لا فهو الذي ينتهي بنهاية علاقته بقصي قصي صديق الطفولة والمراهقة والدراسة وكل شيء بل أخيه بعد مراد هل ستنتهي علاقتهما هل يمكن ان ينحرم منه ومن مزحه ومن غضبه ونصائحه هل سينحرم من رؤيته يزوره وينام ويأكل عنده هل سينحرم من عناقه من سيشاركه جنونه ومن سيتحمل تقلبات مزاجه ومن سيشاركه تفاهته ودلاله أحياناً ومن سيساعده في دروسه وهل سينحرم من مواسأة قصي بعد أن يتكلم له عن مشاكله ثم يضحكان معاً هل سينحرم من المشي معه والتقاط الصور من سوف يتكلم له عن مشاكله وعن أخطائه وينتظر التوبيخ كطفل غير قصي لقد أقسم انه لايوجد صديق يستطيع أن يظهر فيها قيس حقيقته أمامه كقصي كيف ذلك ماذا سيقولُ لأصدقائهم أنّنا انفصلنا بودّ؟! الفراق لا ودّ فيه ؛ مهما حاولَ التجمّل ، الفراق غيمةً سوداء لا تنجِبُ سوى مطراً موحلاً .
ولكن هل قصي سينساه ويرافق غيره لايستطيع تحمل فكرة أنه سيصبح غريب على صديقه المقرب لايستطيع تحمل ذلك لايستطيع ان يتعامل معه كغريب
كان قيس صامتاً صمت مؤلم رغم مرحه الدائم إلا أنه صمت ولم يتكلم مع قصي بينما قصي تفاجأ عندما سكت قيس دون أن يتكلم ليستدير إلى جانبه ليرى ماجعله يتجمد أنها دموع صديقه لأول مرة أنه انصدم من ذلك هل قيس يبكي وبسببه هو كيف جرحه بالكلام وهو يعلم مدى حبه وتعلقه به كيف نهى صداقته هل هو أناني لهذه الدرجة حتى يجرح صديقه هكذا .
انتبه إلى قيس الذي خرج بخطوات سريعة من المقعد كاد أن يناديه لكنه صدم عندما رأى قيس يضرب شاب بعمرهما ولكن معروف بقوته وهو من أقوى الطلاب وفائز ببطولة ملاكمة
بدأ قيس يضرب ذلك الشاب الذي استنكر تصرفه بشدة فهو وقيس لم يختلفا على شيء فماذا حصل لكن أحس بالغضب ليحاول ان يبتعد عنه فهو لايريد أن يؤذيه هتف بتحذير : خلاص ياقيس مش عاوز امد ايد عليك
قيس باستفزاز : ليه خايف يابيضة مش حضرتك بطل الملاكمة ولا كذب
حاول الشاب ألا يضربه محذراً بلهجة قوية إلا أنه نفذ صبره عندما تمادى الآخر بضرباته ليلكمه الضخم لكمة واحدة أسقطته أرضاً ثم بدأ يضربه وقيس مستسلم له
ليركض قصي سريعاً ماسكاً يد الآخر الذي نظر له بوجه حاد ومحمر نتيجة غضبه أما قصي ففزع من شكله وهو يعرف أنه من الصعب أن يتغلب عليه مهما فعل لذلك هتف برجاء : أرجوك سيبه كفاية عليه كده حقك عليا
الشاب بانفعال : هو اللي بدأ من غير سبب شايفني واحد ماعندوش كرامة عشان اسكت عن حقي
قصي باعتذار شديد : اقسم بالله مشفتكش بحياتي كده أنت راجل ابن راجل وحقك على رأسي
ثم اقترب قصي محاولاً أن يقبل رأس الآخر الذي ابتعد هاتفاً : مفيش داعي ياقصي خلاص هتركه عشان عارف هو مش وجه شر أو مشاكل وأنا مش بظلم حد بس نبهه مش يعيدها
شكره قصي فهو فعلاً شاب ذو أخلاق عالية وأيضاً قوي عند حقه
بينما قصي أقدم على مساعدة قيس الصامت مد له يده ليمسك قيس بيده ساعده بالنهوض ليتقدم قيس هاتفاً بتوتر من الشاب وقد وعى لفعله : ا أنا آسف وربنا أنا مش بكرهك آسف ع عشان استفزتك ومدت ايدي عليك مش عارف هبررلك ازي بس حقك عليا و
قاطعه الشاب مصطنعاً الملل : ايه ياض عاوز تقدملي اعتذرات عن العالم كلها ثم هتف بطيبة : خلاص ياقيس مش زعلان منك أنت شخص كويس والله بس متبقاش تعيدها ياولا
ضحك قيس وقصي ثم توجها لخارج المحاضرة فالمزاج قد ذهب بقي صامتان ولااحد يتكلم
ليهتف قصي بحدة : ايه التصرف دا ياقيس بيه
قيس والذي تفاجأ منه لكن هتف بهدوء : عادي مفيش حاجة
قصي بثبات : قيس بلاش الردود دي أنا عارف ياقيس أنك عملت كده عشان تجرب الوجع اللي سببته ليا مش كده
قيس الذي تفاجأ من معرفة قصي بهذا الشيء لكن لايحق له أن يتفاجأ فصديقه كالمرآة التي يرى نفسه بها لينتبه لقصي الذي هتف بحزن : وأنت فاكر اما شوفك بتنضرب هنبسط وهسامحك دا معرفتك فيا ياقيس
توتر الآخر ثه هتف بحزن : كنت عاوز عاقب نفسي ياقصي أنا غبي وبستاهل اكتر من كده عارف مراد زعل مني جامد بس بعدها اعتذرتله أوي ل حتى سامحني ياريت ضربني وعاقبني عشان بستاهل
رمقه قصي ولم يجيبه ليزداد حزن قيس هاتفاً ببكاء : أرجوك ياقصي أنا مش هقدر سامح نفسي عشان عملت كده اعطيني فرصة وبلاش تنهي علاقتنا
قصي بتردد : خلاص متبكيش ياقيس
رمقه قيس بندم هل بعد مافعل به هكذا خائف عليه ليهتف قيس بحزن وبكاء: أنا آسف ارجوك مستعد اعتذرلك أوي ولو عاوز تبعد وترتاح هسيبك ب بس بلاش تنهي صداقتنا ياقصي أرجوك
رمقه قصي بحزن ثم هتف بجمود : ازي هترافقني مش أنا مش راجل وزي الكلب خلاص ارتاح هبعد عنك عشان مش بقبل أني عامل واحد شايفني كده
قيس بندم وبكاء : لا انا الكلب وانا مش راجل عشان أهنتك بالبيت ومديت ايدي عليك وانت ع الرغم من كده مش رفعت ايدك عليا أنا الغبي ومش بستاهل منك حاجة وحقك تبعد وتقطع علاقتك بيا بس أنا مش هقدر عيش بدونك صدقني هموت ياقصي آسف وربنا آسف بعتذر آسف
ظل قيس يردد هذه الكلمة ببكاء وكأنه عاد طفلاً صغيراً وأمه سوف تتركه ازداد بكاؤه بحدة لدرجة أن وجهه أحمر بشدة وصوته بدأ يبح وبدأت شهقاته ترتفع لينصدم قصي من بكائه بهذه الطريقة أسرع إليه يحتضنه بقوة محاولاً تهدئته هاتفاً بحنان وهو يمسح دموعه : خلص ياقيس خلص متبكيش كده م مش زعلان منك بس اهدأ
قيس ببكاء : أرجوك م تنهي علاقتنا هموت من بعدك أرجوك
قصي بقلق : خلص كفاية بكي خلص ياحبيبي مش هسيبك
قيس بصوت مكتوم وطفولة : يعني مش زعلان مني وهتتركني ومش هتبطل تحبني ثم أكل بغيرة : ومش هترافق غيري مش كده
ضحك قصي بصوت عالي على غيرة قيس وقد سامحه وغفر مافعله قيس به فهو يعرفه منذ صغره ولايجب أن يقضي على العلاقة من أجل غلطة وقد سامحه لأنه اعترف بغلطه واعتذر ويعرف حبه وحزنه الكبير إذا انتهت علاقته به وماذا سيلحقه من فراقه زاد من احتضانه بقوة هاتفاً : خلص ياقيس أنا سامحتك
قيس بفرحة وحب : ربنا يخليك ليا وميحرمنيش منك
قصي بحنان : ويخليك ليا
😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍 😍😍😍
يجلس ثائر يتناول الطعام وبجانبه ابنه الصامت بينما ثائر رمقه بشفقة وحزن على ماسببه له ولكن داخله جزء لايندم ولايعرف مالسبب.
تنبه على يامن الذي انهى طعامه حامداً الله ليهتف ثائر : أنا هوصلك النهاردة يا يامن عالمدرسة
أوما يامن برأسه دون أن يجيب رغم تعجبه وارتدى الحقيبة المدرسية ليرى والده يرتدي سترته السوداء
بعد عدة دقائق كان الاثنان بالسيارة ويقود ثائر بتفكير بينما يامن يفكر لماذا أصبح والده هكذالايضربه ولايصرخ عليه لينتبه على هتاف ثائر باسمه ليرفع رأسه باستفهام نحو والده
ثائر : بتفكر بايه يا يامن
يامن بهدوء : مفيش
ثائر برفعة حاجب : مفيش طب ازي تصالحت مع حازم
يامن بخوف من ان يعود والده ويمنعه من حازم هتف بخوف : ه هو بابا أنت ه هتمنعني منه ب بس هو معملش حاجة وأنا بحبه أكتر حد ارجوك بلاش تخليه يبعد تاني

أمل من رحم الألم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن