قمة الألم أن تجرح في كل مكانولا تدري أي جرح تبكي
أندري تاركوفسكي
*****
جلس مراد ووالدته بالإضافة لمحمد وحمزة وعمه منصور بصالون عائلة عبد الرحمن فوالدته مليكة لن يهدئ لها بال حتى يعقد مراد قرانه بأميرة رغم أنه أعترض بالذهاب مرة أخرى متحججاً بجامعته لكن غضب والدته منه وربط رضاها بزواجه بابنة عبد الرحمن جعله يستسلم لمطالبها رغم اعتراضه على فكرة الزواج ككل فهو رجل يحب الحرية ويقدرها وكان قد قرر عدم الزواج إلى أن يصل الثلاثون من عمره لكن كما يقولون تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن .
فأخذوه مرة اخرى رغماً عنه لمنزل عائلة أميرة ليعقدوا قرانهما ليجدوا أن موقف أميرة لم يختلف عن المرة السابقة ومن يلومها بذلك ، أخذت مليكة تراقبها وقلبها ينزف حزناً مع كل دمعة وشهقة تصدر من أميرة اثناء سماعها الشيخ يعقد قرانها بمراد الذي نهض ووقع على الورقة ثم قدم قلمه لأميرة بوقاحة متناهية لتنظر إليه أميرة بكراهية ووجهاً مبلل بالدموع ليزيد ذلك من انزعاج مراد ، ليقطع ياسر صمتهم بقوله
" هيا وقعي يا أميرة "
اخذت أميره القلم من يد مراد والذي كان اخر هدية من والده وكان محفور عليه اسمه واسم والده ، وقامت بالتوقيع على الورقة وتجمد كل شيء بداخلها حتى دموعها وظلت تنظر إلى يدها بجمود بينما خرج الشيخ وأخذوا يتناقشون في أخذها معهم لكن والدها رفض وأخوتها خوفاً من الفضيحة كون زفافها قد توقف في اخر لحظة والآن تخرج بلا زفاف فاتفقوا ان يكون اخر الاسبوع بعد أربعة أيام يأتي مراد ووالدته يأخذانها .
ظلت عيني مراد على قلمه الذي كانت تلعب به أميرة بشرود ذهن وخجل أنه في مكاناً كالآن لا يفكر في شيء سوى قلمه ، لكن هذا القلم غالي وذو قيمة فهو من والده ، قرر حينها أن ينهض ويأخذ قلمه منها لكن أميره نهضت قبله وسارت نحو غرفتها والقلم بين يديها ليغمض مراد عينيه بغضب.
.
وقفت أميرة أمام نافذتها تنظر للا شيء لتفاجأ بحامد يركن سيارته فقد عاد من عمله وما أن هبط حتى رفع عينيه ليجدها بمكانها المعتاد تنتظره ، لكنه لم يبتسم لها هذه المرة بل ظل متجهم الوجه فقد لاحظ سيارة ذاك الحقير وعرف أنهم بالأعلى يعقدون قرانهما فأنزل رأسه وغادر صاعداً لمنزله تاركاً أميرة تذرف الكثير من الدموع .
عادت وجلست على سريرها وأخذت تنظر إلى حقائب ثيابها التي أعادها حامد ووالدته ، ونظرت الى فستان زفافها المعلق والورد الذي ذبل ولم تزف به أغمضت عينيها وهي تشعر بالاختناق ففي اول عثرة تخلى عنها لتنهر نفسها
أنت تقرأ
غيم أسود .. وبدايات شتاء ( مكتملة )
Romanceتأليف الأخوات كهرمان ذات ليلة والغيوم سوداء والشتاء ينذر بزحفه نحو المدينة .. هنالك صرخات مزقة ذاك السكون لكن لم يكن هنالك مغيث لهن أمام جبروت الانتقام وقسوته لذنباً لم يقترفنه ... ليلة مظلمة وثقيلة بظلالها مرت على ثلاثتهن قلبت حياتهن رأسا على عقب...