راحت تحدق فيه مصدومة بعد إعترافها الكارثي، كانت كالخرساء طوال اللحظات التالية... بينما كان يبادلها نفس الصمت المتوتر
لكنه بالطبع لم يكن مثلها.. بل كان بداخله أكثر من صراع، الغضب و الذهول، الخيبة و النكران... الضعف و الإجرام !!!
نبض عرق في جبهته العريضة بشكلٍ ملحوظ، عيناه الواسعتان مثبتتان بعينيها، لينعقدا حاجباه الأسودان فجأة حين إنكسر سكونه بلحظة و إمتدت يداه نحوها ...
شهقت بذعر عندما صار شديد القرب منها و كفيه تقبضان على كتفيها، و كان المصباح المعلّق بسقيفة المدخل يبعد عنهما قليلًا.. لكنه كفاها لتبين قسمات وجهه المشتنجة، ثم سمعت لهجته القاسية التي لطالما جمدت الدماء بعروقها :
-بقى قولتي بتحبي رزق يا فاطمة ؟... و جايباني هنا عشان تقوليلي كده. و عاوزاني كمان أفركش جوازتنا.. صح ؟!
حاولت "فاطمة" إبتلاع كلماتها، لكنها إنزلقت عبر شفتيها بوهنٍ :
-يا مصطفى ونَّبي تفهمني.. إفتح لي قلبك شوية بس و حس بيا. أنا غصب عني. محدش بينقي إللي بيحبه. و أنا عنيا و قلبي مش شايفين غير رزق. أعمل إيه طيب !!
-لأ ياختي إنتي مش هاتعملي أي حاجة ! .. قالها بغلٍ و قد إنتقلت إحدى يديه في طرفة عينٍ لتحيط برقبتها بقوة
جحظت عينيّ "فاطمة" و صارت تتنفس بصعوبة و هي تشعر باشتداد كفه التي تكاد تسحق عنقها، بينما يكمل مغمغمًا بغضبٍ مستطير :
-وحياة أمي لاحسرك عليه. حبيب القلب ده. حيلة أبوه كمان. نهايته على إيدي قريب.. دي اتأخرت كمان.. أما إنتي. هاتجوزك غصب عنك. و هاسسفك التراب يا فاطمة. و عزة جلالة الله على أد ما حلمت سنين إزاي كل حاجة حلوة هانبتديها سوا هاوريكي الأيام السودا إللي بجد. سمعاني ؟ شمي نفسك كويس و روقي على نفسك الكام يوم دول. عشان لحظة ما هاتقعي تحت إيدي مالكيش قومة يا بنت عمي !!!
و أفلتها فجأة متراجعًا عنها بسرعة، ليتأرجح جسمها للأمام و تسعل بحدة و هي تتحسس عنقها بأناملها.. نظرت حولها باحثة عنه، لكنه كان كالشبح.. إختفى فورًا.. و لا تعلم هل صعد كما نوى أو عاد إلى الخارج
لم تكن تريد أن تعرف عنه شيء الآن، يكفي ما قاله و كل هذا الوعيد... لا يوجد أمامها خيارٌ آخر.. إذا لمست إصرارًا من الجميع على هذا الأمر... فهذا ما سيحدث !
____________
كان نهارًا شديد الطول... شديد الحرارة... شديد الإزعاج
لولا أنه يحترم مهامه و يلتزم بالقواعد التي يضعها والده، لكان ذهب إليه من بكرة الصباح و تحدث معه حول ما سمعه ليلة أمس من إبنة عمه الراحل، لكنه آثر أن يذهب أولًا لينهي أعماله التي كُلف بها سلفًا، ليعود لدى حلول الليل
أنت تقرأ
وقبل أن تبصر عيناكِ
Romanceلستُ برجلٍ يُعاني من داء الكآبة.. لستُ أناني و لا سوداوي.. بل أنا في الحقيقة يا عزيزتي شيطانٌ تائب تراجع عندما لم يجد فيك مأخذا و أقبل عندما أبى في غيرك تقربًا