وسط الباحة الفسيحة لمنزل عائلة "الجزار"... وقفا كلًا من "سالم" و ولده "مصطفى" مقابل بعضهما.. بينما يطوقهما حشدٌ غفير من أهالي الحي.. تقريبًا جميع أهالي الحي قد حضروا بعد أن بعث "سالم" في إستدعائهم ليشهدوا الحدث الجلل
كانت الشمس الآن متعامدة فوق رؤوسهم، كل شيء مكشوف و واضح.. تعبير الأب القاسٍ، و ملامح الوجوم التام على وجه الإبن
و بقية العائلة رجالًا يقفون بالخلفية لا يّسمع لهم صوتًا، أما النساء فوقفن بالشرفة الرئيسية بالأعلى يشاهدن ما ينوي "سالم" على إنزاله بإبنه.. لا زال الأمر مبهمًا على أيَّة حال ...
و بالرغم أن الأجواء ساكنة تمامًا، و لكن الهمس لا ريب كان مسموعًا، لا زال القيل و القال على أشده منذ ليلة الأمس.. و بخاصة بين النسوة
فمنهم مجموعةٍ تقول :
-محدش عارف بالظبط.. إحنا فجأة كلنا سمعنا صويت. و باينها البت فاطمة !
-ياختي هي فاطمة. ده كان من تحت شباك أوضة النوم و يخرق ودان البعيد.. شكلها عصلجت مع مصطفى ف دخلوها بلدي
-لأ لأ ماتحصلش دي.. مش معقول
-و هو إنتي كنتي معاهم عشان تقولي مش معقول ؟!!
-كان بان على رزق هو التاني. المعلم سالم مايسمحش بكده. ماعمرناش سمعنا حاجة زي دي عن عيلة الجزار. الدخلة البلدي بيعتبروها إهانة لرجالتهم. الراجل عندهم لازم يدخل بنفسه.. أكيد في حاجة تانية حصلت قلبت الدنيا بالشكل ده !
-تفتكري البت فاطمة ...
-لأ طبعًا إستحالة. يا عبيطة منك ليها.. ماكانوش جابولها الإسعاف إمبارح.. و لو كان فيها حاجة ماكانوش إستنوا عليها أصلًا إنتي بتقولي إيه !!
-أومال هايكون إيه إللي حصل يعني غير كده !!!
-ماعرفش.. قال يا خبر بفلوس. دلوقتي يبقى ببلاش. أدينا واقفين مستنيين !
°°°°°°°°°°°°°°°°°°
لا يعلم فيمَ الإنتظار ؟
منذ أن طلب أبيه في حضوره، و قد كان يجلس وحيدًا في شقته الخاصة فوق كرسي الصالون كتمثالٍ، لم يتحرك من عليه طيلة الليل و حتى الصباح.. حتى جاء أخيه الأصغر و أبلغه برسالة الوالد العاجلة
علم فورًا ما ينتظره.. لا يحتاج الأمر حذاقة... لا بد أنه العقاب.. العقاب الذي وعده به "سالم"... لكنه لم يكن يتوقع بأنه سيُعاقب ها هنا.. أمام الجميع
مع ذلك لم يهمه كثيرًا، خاصةً حين إرتفع رأسه قليلًا نحو المنزل و إلتقت عيناه مصادفةً بعينيها.. إذ كانت تقف بالنافذة مستندة إلى ذراعيّ زوجة عمه السيدة "عبير" ...
أحس بثقلٍ رهيب فوق قلبه، و هو يراها من موضعه منهارة، جمسها يرتعش من البكاء بين أحضان "عبير" و دموعها تسيل على خديها.. ألقت عليه نظراتٍ مزقته !
أنت تقرأ
وقبل أن تبصر عيناكِ
Romantizmلستُ برجلٍ يُعاني من داء الكآبة.. لستُ أناني و لا سوداوي.. بل أنا في الحقيقة يا عزيزتي شيطانٌ تائب تراجع عندما لم يجد فيك مأخذا و أقبل عندما أبى في غيرك تقربًا