جلس "سالم" بين أخيه الأوسط و أمه محركًا مسبحته بين أنامله و هو يقول بثباتٍ :
-إنت خاطرك على راسي ياخويا. ماتتصوّرش لحظة إني ممكن أجي على كرامتك أو كرامة بنتك.. بس طالما إنت مش قادر تمشي مع أخوك للآخر و تحط ثقتك فيا و إنت مطمن زي ما قولتلك.. يبقى خلاص يا إمام
إللي إنت عاوزه أنا هاعمله.. لو تحب مصطفى يطلق فاطمة حالًا هايحصل !عكست آشعة شمس الظهيرة المتوهجة عبر نافذة الصالة ملامح أكثر إحتدامًا على وجه "إمام".. بينما يرد على أخيه الأكبر بعصبيةٍ مفرطة لأول مرة بحياته :
-و إنت جاي بعد ما حصل ده كله تقولي الكلام ده ؟
بعد ما فتحت لابنك الباب و دخلّته على بنتي عافية جاي دلوقتي تقولي طلاق يا سالم ؟؟؟؟
و بنتي خلاص كده حالها يقف طبعًا و تبقى جوازة و إتحسبت عليها !!!!تأفف "سالم" بضيقٍ واضح و صار لم يعد له من الطاقة ما يكفي لتهدئة شقيقه أكثر من ذلك، بعد أن قضى ليلةٍ عصيبة، لم ينم بها أحد حتى هو لم يغمض له جفن
حتى مخزون صبره قد نفذ الآن ...
-أخوك بده يريحك يا إمام ! .. قالت السيدة "دلال" هذه الجملة بصوتها الخشن
و أردفت متكئة بيديها للأمام على عصاها الصقيل :
-إللي حصل كان كبير أوي. و لو هاتاخد رأيي يابني هقولك الحق مصطفى غلطان و مش غلطان.. غلطان إنه إتهم بتك بالباطل و مراعاش حرمة أهله و لا سمعتنا كلنا. و في نفس الوقت مش غلطان عشان عمايل فاطمة إن ماكانتش دلع مرئ زي ما بيقولوا ف هي سوء تربية. إنت و أمها تتلاموا عليها. أي بت بتتجوز أمها بتقعد توعيها و تفهمها الليلة بتمشي إزاي و البت بتستوعب و تنفذ كلمة أهلها و تطاوع جوزها عشان نفسها قبل الكل.. إنما فاطمة يا إمام ماعجبتنيش. و مصطفى راجل إنه ماعداش الليلة منغير ما يدخل عليها زي ما كنتوا عايزين.. لو هالوم عليه ف هايبقى عشان الطريقة و الكلام إللي قاله بس
لكن غير كده أقولها في عنيك و في ضهرك.. مصطفى راجل !عند كل كلمة خرجت من فاه العجوز كان "إمام" يتلقّى ما يشبه اللكمة ...
ظل ينظر لأمه شاخصًا ببصره دون أن يرفرف له رمش.. ثم لم يلبث أن أشاح بوجهه دون أن ينبس بكلمة لشدة شعور القهر الذي ملأه
في المقابل أحس "سالم" بذلك جيدًا، ليعود و يقول من جديد محاولًا التهوين على أخيه :
-إمام. إسمعني ياخويا.. أنا حاسس بيك كويس أوي. صدقني ..
قطب "إمام" حاجبيه بشدة ممعن تفكيره بعبارة أخيه
أيمكن أن يكون كذلك حقًا ؟ هل يشعر بما هو فيه الآن ؟ هل لديه أدنى فكرة عن عمق شعوره بالعار !
لم يكن ذاك العار المتوقع الذي مبعثه أحاديث أهالي الحي منذ ليلة أمس عن إبنته و الذي سمعه بأذنيه، بل كان عاره من نفسه هو.. بعد كل ما حاق بفتاته.. فلذة كبده... على مرآى و مسمعٍ منه
أنت تقرأ
وقبل أن تبصر عيناكِ
Romanceلستُ برجلٍ يُعاني من داء الكآبة.. لستُ أناني و لا سوداوي.. بل أنا في الحقيقة يا عزيزتي شيطانٌ تائب تراجع عندما لم يجد فيك مأخذا و أقبل عندما أبى في غيرك تقربًا