تلك الأناهيد المعبرة عن ضيقه و نفاذ صبره مع مرور الأيام، فقط بضعة أيام لم تكن بالشيء الجسيم عليه، و كأن الزمن أصبح له حسابًا آخر منذ إلتقى بهذه المراهقة الشابة.. رغم أن والده وعده بأن يزوجها إليه بل و قد ذهب على الفور لأبيها كي ما يخطبها لابنه البكريلم يكن هناك ما يستدعي قلقه، خاصةً مع علمه ببعض المشكلات العائلية التي غرزت بها عائلة "الجزار" مؤخرًا، لكن عقله السليط المتسلّط أبى أن يفهم شيئًا كهذا
لينعكس كل هذا الضغط سلبًا على حياته قاطبةً ...
عمله، بيته، حتى في نفسه.. أهمل كل شيء و لبث يفكر بها فقط... كأنما هي جنيّة و تلبسته
و لكن أليست كذلك ؟
إنها جنيّة بالفعل، جنيّة صغيرة.. جميلة ...
-و بعدهالك يا عاصم؟!
أنتزع صوت "رضوان السويفي" الخشن "عاصم" إبنه من أفكاره المؤرقة حتى هنا، على مائدة الغذاء، لينظر الآخر إلى والده متسائلًا :
-عايز حاجة يابا !
رضوان باستخافٍ : سلامتك.. إنت هاتفضل كده كتير يابني ؟
تنهد "عاصم" مغمضًا عينيه، لم يعجبه أن يستفتح أبيه موضوًا كهذا أمام بقية أفراد الأسرة، والدته و إخوته الذكور الثلاثة الذين كما توقع، رفعوا رؤوسهم يصوّبون نحوه نظراتهم الفضولية ...
-مالي يابا ما أنا زي الفل أهو ! .. كان جواب "عاصم" مقتصرًا ملمّحًا لضرورة عدم التطرق لأيّ أحاديث تخصهإلا إن "رضوان" عاند ذلك و كأنه لم يفهم رسالة إبنه :
-زي الفل إيه. بتضحك على مين ياض ؟ ده إنت حالك لا يسر عدو و لا حبيب و في الطناش من كل حاجة بقالك أكتر من اسبوع.. كل ده عشان بنت سالم الجزار ؟ ما قولتلك إتنيلت روحت لابوها و كلمته و لاقيت منه ترحيب كمان. إن ماكنوش شوية المشاكل إللي عندهم كنا روحنا خطبنهالك و خلصنا
كان صرير فكّي "عاصم" مسموعًا و مرئيًا أثناء حديث والده، احمرّ وجهه إنفعالًا و تمتم زاجرًا :
-أظن مش وقته كلام في الموضوع ده يابا و لا مكانه !
-بتقولي أنا قول لنفسك !!! .. صاح "رضوان" مهاجمًا
-الشغل إللي انت عامله بتاع التلامذة ده مش عاجبني. ده أنا ماشوفتكش عملت كده أيام ما كنت ور ور و شنبك يدوب بينبّت.. إيه يعني حتة بت مفعوصة قدرت تلحس دماغك ؟ فووووق.. إنت عاصم السويفي
حسنًا ...
لقد ضغط عليه بما فيه الكفاية.. لم يعد يتحمل أكثر من ذلك !!
-طيب يابا. بالإذن أنا !
و قام عن مقعده متهيئًا للرحيل، ليستوقفه والده محتدًا :
أنت تقرأ
وقبل أن تبصر عيناكِ
Romanceلستُ برجلٍ يُعاني من داء الكآبة.. لستُ أناني و لا سوداوي.. بل أنا في الحقيقة يا عزيزتي شيطانٌ تائب تراجع عندما لم يجد فيك مأخذا و أقبل عندما أبى في غيرك تقربًا