أغمضت "هانم" عينيها، و حاولت أن تعيد أفكارها إلى نِصابها، كانت تقف أمام سريرها، بعد أن فردت فوقه ثوبها الأكثر جمالًا و الذي احتفظت به لسنواتٍ من شدة تعلقها به
لم ترتديه، لم تضعه على جسمها يومًا، على أمل أن يأتي اليوم الذي تتخذ فيه حياتها شكلًا لطالما حلمت به.. هي و زوجها... هي.. و "سالم" !
بصحبة بعضهما، مع أولادهما، كعائلة سعيدة.. تصنع له أشهى طبخاتها، تتزين له في كل وقت و حين، يراها بالأثواب الجميلة كلها التي اختارتهم من أجله، ينبهر بها، يحبها كما تحبه
و لكن بئس الاحلام و الواقع معًا، حبها له لم يكن إلا كابوسًا أرقها و استنزفها، ضاع شبابها، ذبلت مثل وردة قبل حتى أن يستنشق عبيرها ...
هل يستحق اليوم أن تراهن على بقايا كرامتها لأجل كسب القليل من عطفه و إحسانه ؟
هل يستحق أن تهان مجددًا ما إذا أبدى لها رفضًا و تسبب بإيلامها.. ذلك الألم الذي لا براء منه !
الوقت يجري، و لا زالت "هانم" متسمرة أمام الثوب، تفكر و تتردد كثيرًا قبل أن تمد يديها إليه.. كلمات "مصطفى" و نصائحه تثير عقلها و قلبها في آنٍ... و لكن فكرة الخذلان أيضًا تسيطر عليها و تؤثر على سرعة قرارها
أتفعلها ؟
أم لا تفعلها !!!!
-مامـــا !
إنتفضت "هانم" لدى سماع هتاف إبنتها التي اقتحمت الغرفة فجأة
إنفعلت و هي تستدير صوبها صائحة بانفعالٍ لتغطي على ارتباكها :
-إيـه يا سلمى.. إيـــه عايزة إيه ؟
و إزاي تدخلي عليا كده منغي ما تستأذني ؟؟؟اصطبغ محيا "سلمى" بحمرة خجلة.. بقيت محلها عند عتبة الباب تشدد على المقبض و هي تعتذر منها على الفور :
-آسفة يا ماما. ماكنش قصدي.. طيب خلاص هاخرج !
-إستني !!
استوقفتها بصبر نافذٍ، صمتت لثوانٍ، ثم سألتها بهدوءٍ متكلّف :
-قولي كنتي عايزة إيه ؟!
سلمى بتردد : أنا كنت عايزة أتكلم معاكي في موضوع كده.. بس خلاص شكلك مش ليكي بال عشاني دلوقتي
هانم بضيق : إخلصي يا سلمى و قولي عايزة إيه
زمت "سلمى" فمها و قالت باذعانٍ
-كنت عايزة أفكرك تقولي لأبويا على موضوع المدرسة.. مش إنتي طالعاله ؟
عبست "هانم" معقبة :
-يابت أنا مش سبق و قلت كلمتي في الموضوع ده ؟
عايزة تدخلي أبوكي فيه ليه و لا نفسك تسمعي منه كلمتين !!!-يا ماما أبويا مش هايقول حاجة. لو إنتي كلمتيه و أقنعتيه مش هايقول حاجة !
-لأ ياختي هايقول. أبوكي ماعندوش ياما إرحميني في المسائل دي بالذات. جربيه كده لو تقدري يا سلمى ..
أنت تقرأ
وقبل أن تبصر عيناكِ
Romanceلستُ برجلٍ يُعاني من داء الكآبة.. لستُ أناني و لا سوداوي.. بل أنا في الحقيقة يا عزيزتي شيطانٌ تائب تراجع عندما لم يجد فيك مأخذا و أقبل عندما أبى في غيرك تقربًا