كان بطبيعته سريع و غزير التعرّق من أقل مجهود... و الآن خاصةً في ساعة المران اليومية.. هنا فوق أعلى قمة بمنزل "الجزارين".. حيث يقطن و يتعايش كما لو أنه بشقته الخاصة، رغم أن ما هي إلا غرفة بسيطة بالسطح
لكن أبيه جعل الطابق كله ملائمًا له، و زوّده بماكينات الرياضة الحديثة، كي ما يشبع هوسه بتنمية عضلاته و الاهتمام بلياقته البدنية التي تبهر الجميع، و تزرع في قلوب أعتى المجرمين مهابة منه
يقف "سالم" على رأسه منذ الصباح، حتى الظهيرة هكذا.. لا يزال يحاول إقناعه بإلغاء حدث الليلة المنتظر و يعرف أن مجهوده من غير طائل، لكنه لا ينفك يطالبه تارة بلطف و تارة بحدة ...
-رزق أنا كلمتي لازم تتسمع.. من إمتى بتعصيني ؟؟؟
كان ضغط دماؤه مرتفعًا بشدة و العرق يسيل حارًا من مسام جسمه و يقطر فوق الأرض، كان يتمرن بانفعالٍ كبير و يحمل أثقال لا يتحملها أيّ شخص.. لكن مع ذلك رد على أبيه و أنفاسه المهتاجة تتدافع من فمه :
-و لا بعصيك دلوقتي.. بس ده مش موضوع يستاهل تؤمر و تنهي فيه. إنت عارف إني بلعب Boxing كده كده و مش ناوي أبطلها. هاتفرق في إيه لاعبت مصطفى.. زيه زي غيره
أحمّر وجه "سالم" إنفعالًا و هو يصيح به :
-هاتقف قصاد أخوك.. هاترفعوا إيديكوا على بعض. الكلام ده مش هايحصل طول ما أنا على وش الدنيا سامع ؟؟؟؟
رفع "رزق" حاجبه و قال باستخفافٍ :
-و إنت جاي تقولي أنا الكلمتين دول.. لو خايف على مصطفى روح أنصحه ينسحب. ده أحسنله و الله !
و ترك "رزق" الأثقال من يده، ليمضي نحو كرسي الرياضة العريض المبطن بالفايبر الثمين، إرتمى فوقه ممسكًا بمنشفة صغيرة و طفق يجفف وجهه و عنقه من العرق
بينما لا يزال "سالم" على وضعيته، مصدومًا في إبنه و من كلماته.. إلا أنه يلتفت إليه بالأخير و يرميه بنظراتٍ غير مصدقة ...
يلاحظ "رزق" هذه الانفعالات بوضوحٍ، فيضحك بخفة و هو يلقي بالمنشفة ليلتقط قارورة المياه الباردة و يقول بمرحٍ :
-ماتبصليش كده يابويا. قولتلك مصطفى أخويا الصغير. إستحالة آذيه ! .. ثم فتح القارورة و شرب منها باستفاضة، و أردف بعدها بجدية :
-بس في نفس الوقت ماتعودتش أخسر.. و إلا هيبتي زي ما بتقول تتهز وسط أهل الحي
نطق "سالم" بحدة منهيًا معه الحوار :
-طيب يا رزق.. أعمل إللي إنت شايفه. بس كنت فاكرك أذكى من كده !
و أولاه ظهره عازمًا الرحيل، ليجمده صوت "رزق" لبرهةٍ و هو يقول بلهجة ذات مغزى :
-ما أنا عشان ذكي مصمم أنزل قصاد مصطفى المرة دي..طول عمري نفسي أجيب م الأخر معاه. فاهمني يابويا ؟؟!
أنت تقرأ
وقبل أن تبصر عيناكِ
Romantizmلستُ برجلٍ يُعاني من داء الكآبة.. لستُ أناني و لا سوداوي.. بل أنا في الحقيقة يا عزيزتي شيطانٌ تائب تراجع عندما لم يجد فيك مأخذا و أقبل عندما أبى في غيرك تقربًا