يجلس بالبهو الكبير إلى جواره تراصت حقائبه، فوق الكرسي التراثي العتيق يضع ساقًا فوق الأخرى، عيناه لا تحيدان عن ساعة الحائط الضخمة أمامه، و لا ينفك يقضم أظافر يده بعصبيةٍ مفرطة
كان من المفترض أنه ينتظر مكالمة من إبنه ليخبره من خلالها بموعد و تفاصيل الرحلة التي أوكله بحجزها إليه من حيث يمكث هو بالولايات المتحدة الأمريكية، لكن مضى نصف اليوم حتى الآن و لم يتلقّى أيّ خبرٌ منه، مما ضاعف توتره و قلقه بشدة ...
إلى أن حانت تلك اللحظة فجأة و دق هاتفه أمامه فوق الطاولة... قفز في مكانه و إلتقط الهاتف مجيبًا بسرعة :
-إيه ده كله يا حسن ؟؟؟؟
كل ده بتحجزلي تذكرة يابني مش قولتلك عاوز أكون قدامك بكرة الصبح بالكتير.. كده و لا بعد بكرة وحياتك !!!!إنسلّ صوت "حسن" بصعوبة وسط هجوم والده :
-يا بابا بليز إديني فرصة أرد على حضرتك.. أنا ماحجزتش أصلًا أيّ تذاكر !
حسن و قد هربت الدماء من وجهه :
-بتقول إيه ؟!!
-زي ما سمعت حضرتك.. إنت إزاي كان غايب عليك حوار قضية الضرايب المرفوعة عليك هنا في الاستيتس ؟!
توقف "عزام" للحظة و كأنه إصطدم بالحقيقة كمن فقد ذاكرته و عادت إليه بقساوةٍ هكذا ...
-أنا.. إزاي نسيت القضية صحيح !
سمع تنهيدة إبنه و هو يرد عليه بفتورٍ :
-بابا أنا لسا عارف القصة حالًا. بغض النظر إنك مش حاكيلي أي حاجة بس إنت مش هاينفع تخطي خطوة على أرض الإستيتس. هايتقبض عليك فورًا ...
ثم صمت لهنيهة، و قال :
-قولي إنت كنت عايز تيجي أوي كده ليه ؟
في إيه بالظبط ؟ حصل حاجة أو إنت في مشكلة ؟؟
أنا ممكن أنزلك لو محتاجلي بدل ما كنت هاتطلع إنت مخصوص !رفض "عزام" في الحال هازًا رأسه بقوة و هو يفرك عينيه بسبابته و إبهامه :
-لالالا. تنزل إيه.. خليك مطرحك يا حسن
-طيب صارحني.. أنا حاسس إنك في مشكلة و مش عايز تقولي !!
-لأ يا حبيبي ماتقلقش.. أنا زي الفل. إنت بس إللى كنت واحشني.. غريبة دي ؟!
-لأ. مش غريبة.. بس إنت متأكد إن مافيش حاجة ؟؟؟
سحب "عزام" نفسًا عميقًا كي ما يستطع إقناع إبنه بلهجة أكثر طبيعية :
-مافيش حاجة يا حسن. أنا بقالي سنة ماشوفتكش.. مش عاوزني أشتقلك يعني ؟
-لأ طبعًا مش قصدي.. إنت كمان واحشني يا بوب.. خلاص. أوعدك هاظبط إجازة أول الشهر الجاي و هانزل أقعد معاك حبة جلوين قبل الدراسة ما تبدأ.. قشطة ؟
أنت تقرأ
وقبل أن تبصر عيناكِ
Romansaلستُ برجلٍ يُعاني من داء الكآبة.. لستُ أناني و لا سوداوي.. بل أنا في الحقيقة يا عزيزتي شيطانٌ تائب تراجع عندما لم يجد فيك مأخذا و أقبل عندما أبى في غيرك تقربًا