أحمر شفاه !

16.7K 796 55
                                    


و لا للحظة واحدة إنقطع بكائها، منذ رأته يخرج برفقتها، متأبطًا يدها، تنير وجهه إبتسامته الغرَّاء.. و كأنه يطرب لكل ما يجري من حوله !!!

لم تصدق

أو لعلها لم تريد أن تصدق

لحظة ظهور أخيه الأصغر أولًا مع عروسه و إبنة عمه، اطمأن قلبها قليلًا، ظنَّت بأن هذه الليلة كلها مقامة لأجلهما.. لكن... حين تأخر ذهابهم، تبيّنت بأنهم جميعًا كانوا بانتظار أحدٌ آخر أكثر أهمية، و هي بكل تأكيد تعلم من هو أكثر شخص مهم بعائلة "الجزار".. لأنه ببساطة يكون حبيبها !

و كانت صدمتها عندما صدق حدسها و شاهدته بعد بضعة دقائق يخرج برفقة إبنة عمه المنضمة حديثًا إلى العائلة.. و كذلك كان الحديث الذي تلصصت عليه هناك بمنزلهم هو فعلًا الحق... و سوف يتزوج بتلك الفتاة.. أما هي.. فستجني وحدها أشواك الخطيئة ....

-الواطي ! .. غمغمت "سامية"... صديقتها المقربة بغيظٍ

كان جليًا من تقصد بنعتها المهين

و لكن ذلك لم يزيد "نسمة" إلا حزنًا و هي تجهش أكثر في البكاء قهرًا على حالها ...

فوق أريكة الصالون المتواضع، رأسها ملقى في حجر صديقتها، و الأخيرة تمسح على شعرها مواسية دون جدوى.. رغم ذلك لم تنفك عن محاولة تهدئتها، إذ قالت بلطفٍ هذه المرة :

-خلاص يا نوسا.. خلاص يا حبيبتي ماتحطيش أوي نفسك كده. يلعن أبو الرجالة كلهم.. بس بقى. و حياتك ما هاسيبك كده. هاتشوفي هاعملك فيه إيه !

يندفع الكلام من فم "نسمة" الآن مختلطًا بدموعها :

-هاتعمليله إيه يعني يا سامية.. ده لا أنا و لا إنتي أده و لا أد عيلته. أسكتي ونبي.. أنا إللي أستاهل

سامية باستنكار : أومال يعني هانسيبه كده ينفد بعملته ؟؟؟

أصدرت "نسمة" أنينًا مريرًا و هي ترتفع بجزعها لتجلس مقابل صديقتها، ثم تقول بصعوبةٍ :

-أنا إللي بدأت يا سامية. أنا إللي قدمت نفسي له على طبق دهب.. مافيش راجل يقدر يرفض واحدة تبيعله نفسها منغير مقابل. عمره ما طلب مني حاجة. و لا كان مستني حاجة.. أنا إللي رميت نفسي في حضنه. كنت محتاجة أوي لحضنه يا سامية. كنت متعشمة إنه يحبني زي ما بحبه.. بس كان لازم أعرف ححمي كويس أوي بالنسبة له.. أنا أخري معاه علاقة في سرير. لكن قدام الناس.. مافيش غير إللي شوفتها معاه إنهاردة. بنت عمه.. بنت الحسب و النسب.. مش حتة بت مالهاش لا أصل و فصل. لقيطة.. تربية ملاجئ. و أخر حاجة ...

ضغطت الغصّة الحارقة على حنجرتها عند هذا الحد، لم تستطع أن تكمل كلمتها، فاطبقت شفاهها بقوة و راحت تنتحب و هي تغطي وجهها بكفيها

لتمد "سامية" يدها و تشدها لتستقر في حضنها، أخذت تربت عليها بحنانٍ متمتمة بعطفٍ منزعج :

وقبل أن تبصر عيناكِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن