"إمام"... إسترجاع زمني ١بُنيّ منزل العائلة الكبير _ رغم هيئته البدائية _ بأفضل و اكفأ المواد المقاومة للزلازل و المتصدّية لأيّ عدوانٍ محتمل، كما كان يضم مستوى أرضي بمدخلٍ سري لا يعلمه سوى رجال العائلة الكبار مقامًا.. و هو ما خوّله إليه وضعه كونه الأخ فوق الأوسط لعائلة "الجزار"
على الرغم من الكارثة التي وقعت الليلة، مقتل أخيه الأصغر على أيدي فرقة من العصابات الشعبية بمنطقةٍ مجاورة، فور أن تلقّى نباءً من حراسة حدود الحي بمحاولة هرب زوجة أخيه، لم يتوانى عن الذهاب فورًا و استطلاع ما يجري بنفسه
ذلك ما وجده صحيحًا، امرأة أخيه النبيلة، في عهدة رجال الحراسة، و على عكس ما توقع.. لم تكن خائفة أبدًا و لا حتى في هذا الوضع
بل كانت هادئة، متباهية، و... جميلة جدًا بالنظر إلى الفترة الطويلة التي قضتها حزينةً كئيبة !
بدون تفكير أخذها "إمام" خلسةً وسط الهرج و المرج و أعادها إلى البيت، لكن هذه المرة لم يسمح لها بالتجوّل كما في السابق قبل أن تحاول الهرب،و إنما رأسًا قادها إلى القبو السري، تركها هناك و أغلق عليها و ذهب من فوره ليرى مآل الكارثة التي وقعت على رأس العائلة
مر على الساعة المشؤومة نصف يوم، مع إعتقاد الصغير "رزق" بأنه سلك درب الفرار لأمه، بينما أبيه "سالم الجزار" و بقية أسرته و رجال قومه الأشداء لم يهنأوا بدقيقة واحدة من الراحة، ذهبوا في التو للأخذ بثأر فقيدهم الغالِ "ناصر الجزار".. و بالفعل لم يعودوا إلا بالنهار التالي محققين الثأر المنشود ...
لم يكاد "سالم" يلتقط أنفاسه ليصدمه "إمام" بالخبر الذي أجله وقتًا كافيًا حتى لا يشتت رأس أخيه الكبير، و لعل "سالم" لم يستشيط غضبًا بقدر ما اعتصره الذعر لمجرد فكرة رحيلها و إنفصالها عنه للأبد، توجه مباشرةً حيث وضعها شقيقه
فؤاده مثقل بالخوف و الفزع.. كان يركض إليها و في نفس الوقت يحاذر أن يراه أحد.. تلك كانت مهمة شقيقه أيضًا... إذ تبع إثره حاميًا ظهره !
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
كان القبو الأرضي، مغمورًا بالضوء الأصفر المزعج، يسبح في صمتٍ موحشٍ و مريب، روائح العطن و العفن تملأ كل الجنابات، و معظم الأثاث هنا مؤلفًا من سريرًا أثري متهالك متهالك مصنوع من للنحاس، و بضعة قطع من صالونٍ بالي لا ينفع بشيء
كانت كلها اجواء إن ساهمت بشيء فلن يكون سوى سخطها و حزنها، لم تذرف عينيها دموعًا، لم تشكو بطنها الحاضنة لجنينها جوعًا، كل ما طمحت إليه منذ الأمس حتى هذه اللحظة هو الموت.. و الموت فقط
لا يمكن أن تُهزم، لا يمكن أن تتخلّى عن مبادئها و إن كان الثمن حب عمرها الوحيد، طالما وصلت إلى هذه التقطة إذن فلا عودة
أنت تقرأ
وقبل أن تبصر عيناكِ
Romanceلستُ برجلٍ يُعاني من داء الكآبة.. لستُ أناني و لا سوداوي.. بل أنا في الحقيقة يا عزيزتي شيطانٌ تائب تراجع عندما لم يجد فيك مأخذا و أقبل عندما أبى في غيرك تقربًا