الآن... و بعد إنتهاء كل شيء، كانت الصدمة تمارس مفعولها على "رزق".. و على أكمل وجه جعلته يجلس فوق التراب إلى جوار جثة "عزام" الممزق ساكنًا كالصنم و قد غطته الدماء من رأسه لأخمص قدميهفي المقابل ...
أبيه صار هنا أخيرًا.. أتى "سالم الجزار" بنفسه... بعد أن تلقّى مكالمة من أحد الرجال الذين أرسلهم لإبنه
لم يستغرق ثلث ساعة إلا و قد كان يقف أمام إبنه، مفغرًا فاهه، مذهولًا ممّا يراه بعينيه الجاحظتين.. لم يكن بشيء غريب عليه.. لكنه لم يصدق... لم يصدق أبدًا بأن أعمالًا قذرة كهذه تجد إلى إبنه الأقرب إليه و الغالي على قلبه سبيلًا !!!!!
-إنت عملت إيه يا رزق ؟؟؟!!! ... هتف "سالم" مبديًا صدمته به على الأخير
و لما إمتنع عن الرد عليه، ثارت ثائرته فصاح به و هو يجثو أمامه فوق التراب الملبّد بالدماء الغزيرة :
-بــــقولـك إنــــطــق. عـــــملـت إيــــــه و ليــــــه ؟؟؟؟؟.. و كان قد أمسكه من تلابيبه و أخذ يرجّه بقوةٍ
يفيق "رزق" الآن من حالته العبثية الضبابية، ليفاجئ أبيه بدفعة عنيفة من قبضتيه في صدره صارخًا بضراوةٍ :
-إبـــــعـد عـــــنـي. إبــعـد.. إنـت الـــسبب... إنـــت. إوعى تلمسني.. إوعى تقرب مني أنا مش عاوز أعرفك تاني و لا عاوزك في حياتي.. أنا ماشي و مش هاتشوف وشي تاني !!!!!
تجاوز "سالم" الصدمة مما فعله به إبنه للتو ليقفز واقفًا حين سبقه "رزق" و قام معتزمًا الرحيل ...
أمسك بذراعه بكلتا يداه و إستوقفه بكل ما أوتي من قوة هاتفًا بتلهفٍ ملتاع :
-رايح فين يا رزق ؟ استنى هنا.. مش هاتمشي. إوعك مفكر هاسيبك تمشي !!!!
حاول "رزق" بجماع نفسه الافلات من أبيه دون جدوى و هو يصيح :
-إوعــــــى. سيبـــــنـي.. قسمًا بالله لو ما سيبتني لاسيبلك أنا الدنيا كلها بطلقة من الفرد ده !
و أستلّ طبنجته من طوق خصره و صوّبه ناحية رأسه بجدية تخلو كليًا من أيّ تسويف أو تهديد ...
إنتاب الذعر "سالم" على الفور و هو يصرخ به :
-لالالا خلاص. خلاص إهدا طيب.. سيب السلاح من إيدك. سيبه يا رزق هاعملك إللي إنت عايزه. خلااااااص قولتلك هاعملك إللي إنت عـايــزه !!!
و نجح بعد جهدٍ و خوفٍ عظيم إزاء تهور إبنه من إثنائه عن أفعاله الجنونية، فانتزع منه السلاح و خبئه بغمدٍ داخل عباءته، ثم صاح مناديًا على أحد رجاله ...
لا يزال يمسك بإبنه، إلى أن حضر الشاب الضخم و إمتثل أمامه :
-أمرك يا معلم سالم !
أخذ "سالم" يفتش عن مفاتيح "رزق" متحسسًا جيوبه حتى وجد السلسلة الصغيرة، سحبها و رماها صوب الشاب هاتفًا بلهجة آمرة :
أنت تقرأ
وقبل أن تبصر عيناكِ
Romantizmلستُ برجلٍ يُعاني من داء الكآبة.. لستُ أناني و لا سوداوي.. بل أنا في الحقيقة يا عزيزتي شيطانٌ تائب تراجع عندما لم يجد فيك مأخذا و أقبل عندما أبى في غيرك تقربًا