~¤ مُحرمة عليك ! ¤ ~

19K 929 74
                                    

بيّد أن لا أحدٌ هنا.. لم يتوقع ذلك بما أنه تلقّى الأوامر قبل مغادرته و سمع أبيه يشدد على أنه سيكون بانتظاره مع إبنة عمه حتى بصفي الخلاف الحرج الذي نشب بينهما في أول لقاء

كانت الشقة التي يسكن بها "سالم الجزار" بمعزلٍ عن بقية العائلة، على رأس المنزل المشترك.. حيث هجر الجميع إلى هذه الخلوة المريحة للأعصاب، حتى زوجته "هانم" لا يسمح لها بالدخول إلى هنا.. فقط أبناؤه إذا كان الأمر عاجلًا، أو إذا طلب هو أحدهم للمثول أمامه

و ها هو "رزق" يلج بنسخة المفتاح التي حصل عليها من والده، مضى للداخل باحثًا بعينيه.. رغم الهدوء لكنه إستعد لرؤيتها معه بأيّ مكانٍ هنا

إنما خاب ظنّه.. عندما تناهى إلى سمعه صوت "سالم" منبعثًا من جهة المضافة الواقعة على بعد أمتار قليلة خلفه

إستدار "رزق" متجهًا إلى هناك دون ترددٍ، كانت دهشته تزداد مع كل خطوة، إذ ميّز لهجة أبيه المغايرة للعادة.. فهو قلما يسمعه يتحدث بكل هذا القدر من الود و اللطف

ربما تأكد الآن بأنه لا يتحدث إلا لها هي ...

لكنه تفاجأ كليًا حين وقف عند عتبة الباب المزدوج و أكتشف بأنه لم يكن يتحدث إلا لصغيرته.. و أخته هو بنفس الوقت !

كان "سالم" يجلس فوق مقعده الوثير الأشبه بكرسي العرش، و كانت إبنته "سلمى" البالغة من العمر ثلاثة عشر عامًا تجلس فوق قدمه تبكي بحرقة بينما يهدئها و يقبل رأسها و يربت على كتفها بحنانٍ ...

-خلاص بقى يا سلمى. عشان خاطر بابا كفاية عياط.. هاتشوفي هاعملك فيهم كلهم إيه !

تمخطت الفتاة الرقيقة في منديلًا قدمه لها والدها، لتقول ردًا على كلماته بصوتٍ كالأنين :

-محدش من إللي تحت عمل معايا حاجة.. هو مصطفى بس. مصطفى مسكني من شعري جامد و زقني. و زعقلي و كان هايضربني بس أمي لحقته ..

زم "سالم" شفته و هو يستعرض السبب الذي دفع إبنه الأوسط لفعل ذلك بأخته، و بما أنها لاقت التعنيف المناسب فلم يشأ أن يزيد عليها.. فواصل إسلوبه السلس معها و قال بتفاهمٍ :

-طيب يا حبيبتي مش أنا قلت قبل كده اللبس ده ماينفعش تظهري بيه قصاد حد تاني ؟!

و أشار إلى فستانها عاري الكتفين و القصير ...

-حتى لو وسطنا هنا في البيت.. إنتي مابقتيش صغيرة يا سلمى. و آه هنا إنتي وسط إخواتك و عمامك. لكن ماتنسيش إن في "علي". إبن عمك.. مايصحش يشوفك كده. إنتي صغيرة أنا عارف و هو مايقدرش يبصلك بصة مش كويسة. بس لازم تتعودي على كده عشان لما تكبري أكتر و تبقي أنسة حلوة كده محدش يقدر يبص عليكي و لا يشوف حتة منك حتى

إزدردت الصغيرة لعابها و هي تفكر بكلام والدها، ثم صاحت فجأة و كأنها تلقي عليه بحجة :

وقبل أن تبصر عيناكِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن