متأنقًا بأفخر ثيابه المؤلفة دومًا من عباءة ثمينة باهظة.. خرج "سالم" إلى الشرفة الرئيسية مطلًا على واجهة السرادق العملاق و المتد أمامه حتى نقطة لم يدركها بصره
تبيّن من مكان وصزل عدد من أصدقاؤه و شركاؤه بالعمل، كان المكان قد بدأ يزدحم تدريجيًا، لكنه فضل البقاء قليلًا لغاية في نفسه
حتى عندما لوّح له أحد الرجال قامة و قيمة، معروفًا مثله في عالم الجريمة، لم يتفضل عليه سوى بايماءة صغيرة من رأسه مكتفيًا بها وعدًا بالانضمام إليهم قريبًا
لا يستطيع أن ينكر مدى سعادته الليلة، حقًا كان مسرورًا، إذ تعتبر هذه الخطوة التي تتهيأ عائلته للاقدام عليها كبيرة و مهمة جدًا، أربعة من أبنائهم ذكور و إيناث.. يستعدون للزواج بدءً من الليلة
يا لها من غبطة تستحق الاحتفال و كل هذا الإصراف و المظاهر الباذخة التي صمم عليها ...
لم يكن هناك ما يعكر صفاء سعادته هذه إلا أمرٌ واحد.. و هو بالطبع زيجة إبنه الأولى التي ذهب و أتمها من وراء ظهره، و لكي يكبله عن التصرف قام بتهديده ذلك التهديد الذي لا يستطيع أمامه صمودًا
الكلمة لا تزال ترن بأذنيه : "مش هاتشوف وشي تاني" !
لا يمكن أن يصير شيئًا كهذا، هذا الطفل الذي رباه، و الرجل الذي كبر في كنفه و إشتد عوده، إنه إبنه، فلذة كبده و قلبه
الأفضل و الأحب على الإطلاق، لا نظير له بجميع أولاده، يعلم بأنه ربما يكون مخطئًا أو ظالمًا كما ينعتونه... لكنه دائمًا ما يعزي نفسه بالقول : "لا تلُومُوني فيما لا أملك !"
إنه يحب أولاده و لا شك، و لكن "رزق".. "رزق" يساوي بالنسبة إليه شيئًا أعمق من الحب لا يمكن أن يعبر عنه بكلماتٍ ...
_______________
بعد المواجهة الأخيرة بينهما، و بعد أن إستمع إلى كلامها و لمس و لو مجرد أمل بأن مشاعرها تجاه أخيه الأكبر ما هي إلا مشاعر مراهقة، و أنها بالفعل إكتشفت بأنها لا تحبه
كان يشعر بالإقبال.. الإقبال على كل شيء و ليس على حياته فقط
حتى أنه قبل قليل ذهب بنفسه و أشترى لها باقة زهور حمراء كبيرة كتعبيرًا على حبه، بل عشقه و غرامه بها، لم يبالي بهمزات أصدقائه و سخريتهم منه و هم يرونه أثناء مروره مهرولًا إلى المنزل و هو يحمل الباقة راسمًا على وجهه تلك الابتسامة الطفولية البلهاء
إتجه للأعلى، مشتاقًا و آملًا أن يصل عندها بأسرع وقت، لم يكن يعلم أن قلبه قد سبقه أولًا ...
°°°°°°°°°°°°
-مبروك يا أحلى عرايس ! .. قالتها خبيرة التجميل الشابة مبتسمة بعد أن رفعت يديها أخيرًا عن "ليلة"
ردت "ليلة" لها الابتسامة و قالت برقتها المعهودة :
-الله يبارك فيكي يا جميل. و حقيقي.. تسلم إيديكي
أنت تقرأ
وقبل أن تبصر عيناكِ
Romanceلستُ برجلٍ يُعاني من داء الكآبة.. لستُ أناني و لا سوداوي.. بل أنا في الحقيقة يا عزيزتي شيطانٌ تائب تراجع عندما لم يجد فيك مأخذا و أقبل عندما أبى في غيرك تقربًا