_ اليأس مثلنا ! _ "1"

14.2K 827 48
                                    


خائفة و مرتبكة، جلست "نسمة" إلى جوار "رزق" بسيارته ملتزمة الصمت، بينما كان يقود عائدًا بها إلى "حي الجزارين" ...

كانت تستبد بها حالة غريبة من الخرس منذ أن طلب منها حزم الأمتعة و الاستعداد للعودة، بالأحرى كانت مصدومة، و في الحال وردت إلى ذهنها أبشع الظنون، لوهلة فقدت ثقتها المهزوزة به _ خاصةً بعد تلك الليلة التي فيها أتى إليها مغطى بالدماء لسبب تجهله _ صارت تخاف منه مؤخرًا

هذه المشاعر تزعجها، تنغص عليها قصة حبها، تساهم في زيادة قلقها و خوفها، هي لا تريد أن تقلق، لا تريد أن تخاف منه.. إنه ملاذها الوحيد، حييبها، كل شيء بالنسبة لها

ماذا يمكن أن يكون قد فعل ؟

و علام ينوي بها يا ترى ؟؟؟؟؟

-هو إحنا راجعين ليه ؟! .. تقطع "نسمة" الصمت فجأة بسؤالها الآلي

لم تكن تنظر إليه، بل وجّهت ناظريها للأمام مباشرةً مسبلة جفنيها قليلًا كأنما هي منتشية، أو لا مبالية !!

إلتفت "رزق" نحوها و ألقى عليها نظرة فاترة، ثم قال و هو يشيح بوجهه تجاه الطريق ثانيةً :

-وضعك مابقاش زي الأول.. ماينفعش أسيبك لوحدك تاني

نظرت له بسرعة هاتفة بلهجة أقرب للذعر :

-إنت مرجعني معاك عشان تسقطني عند أهلك ؟؟؟؟
مش عايز العيّل إللي في بطني و حابب تخلص منه بالسرعة دي و هو لسا مادبتش فيه الروح يا رزق ؟؟؟!!!

إنعقدا حاجباه بشدة و هو يلتفت ناحيتها مرةً أخرى مرددًا بغضبٍ :

-إنتي بتخرفي بتقولي إيه ؟؟؟
مين قالك الكلام ده ؟
إنتي متصوّرة إني ممكن أقتل روح بريئة ؟ و كمان حتة مني ؟ إبني و لا بنتي ؟؟؟؟؟
إنتي إتجننتي يا نسمة !!!!!!!

تلبكت كثيرًا مع سماع كل كلمة توبيخ من فمه الذي و دأنه فوّهة بركانٍ و انفجر ...

أجفلت قائلة بتوترٍ :

-أومال طيب إنت واخدني هناك تاني ليه ؟ أنا عارفة إن أهلك معترضين عليا. و بصراحة أنا خايفة من ابوك أحسن يئذيني هناك. خايفة على ابني !!

و بسطت كفها فوق بطنها التي لم تظهر حملًا بعد ...

أغمض "رزق" عينيه، و أخذ نفسًا عميقًا، ثم قال بثقة صارمة يسكّن روعها :

-ماتخافيش يا نسمة. محدش يقدر يمسّك و لا يمس إللي في بطنك طول ما أنا عايش و بتنفس.. و بعدين ماتنسيش. إنتي شايلة إبن رزق الجزار. حفيد سالم الجزار.. مهما كان أبويا جبروت. عمره ما يفرط في دمه و لحمه

أرادت بشدة أن تصدق كلامه و أن تطمئن على الأخير، لكن هناك العديد من العوائق لا تنفك تقفز أمام عينيها واحدة فواحدة.. و مع كل هذا لم يسعها إلا أن تفكر بصوتٍ عالٍ علّه يفتها بكلمات تقضي على هذا القلق كله :

وقبل أن تبصر عيناكِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن