~¤ في كل مكان ! ¤~

15.7K 820 84
                                    

محرابه المحرم على الجميع، لا يستقبل فيه إلا قلة، من ضمنهم أبناؤه كما جرت العادة منذ سنواتٍ طويلة، عندما قرر أن ينأى بنفسه عن بقية عائلته، أن يبتعد عن زوجته و يتخذ من دونها مكانًا أكثر خصوصية لا يسعه فيه إلا التفكير و التواصل معها بقلبه و عقله و كل وجدانه

ربما هذا ضربًا من الجنون، لكنها كانت الطريقة الوحيدة التي تهون عليه مرارة غيابها و حرمانه منها.. كانت وحدته هي السلوى التي تمنحه سكينة نسبية ...

أما اليوم

اليوم قد فتح عينيه على مكالمة هاتفية من زوجته، طلبت منه لقاءً عاجلًا و قد كان صوتها يكنف انفعالًا مبطنًا.. لم يكن يريد لها هي بالأخص أن تطأ قدماها هذا المكان

لكنه كان يدرك فداحة الوضع بالاسفل، رغم أنه سيطر عليه كليًا و طوى الصفحة بشكلٍ سطحي، إلا أنه يعلم بأن ما بالقلوب يظل بها، و أن كثرة الضغط تؤدي إلى إنفجارٍ حتمي

لذلك هو قد وافق على استضافتها لوقتٍ وجيز، ليسمع منها ما تود الادلاء به.. ليرى و تكون الصورة كلها واضحة أمام عينيه، فيتصرف على أساسها ...

°°°°°°°°°°°°

لم تتكلّف كثيرًا في مظهرها، فهي تعرف جيدًا و منذ زمنٍ طويل بأنها مهما فعلت أبدًا لن تنال إعجابه.. أو حتى رضاه

آمنت دون جدال بأنه ليس لها، و أن قلبه لأخرى، ما من فرق إذا بقى معها بجسده... لقد تعلّمت على يديه ألا تسمح لنفسها بالتمني أو تعليق الآمال

لقد نست بأنها أنثى على أيّة حال ...

صعدت "هانم" إلى الطابق الخاص بزوجها، كان يضع لها المفتاح بالقفل، فلم تضطر لقرع الجرس.. فتحت بنفسها، ثم ولجت بحذرٍ و هي توزع نظراتها لأول مرة بالشقة فاخرة الفرش و الأثاث على مختلف أشكاله و أنواعه

ظنّت بانه هنا بمكانٍ ما، لكنها لم تجده مطلقًا.. فصاحت منادية باسمه بصوتٍ جاف :

-سالم !

لم يجعلها تكرر ندائها، إذ هتف بصوته الرصين من إحدى الغرف بالداخل :

-أنا هنا يا هانم.. خشي !

و ها قد حصلت الإذن ...

أغلقت باب الشقة خلفها، سحبت نفسًا عميقًا، ثم مشت تجاه المسار الذي صدر منه صوته.. لحظاتٍ... و كانت تقف عند عتبة الباب الموارب

مدت يدها و نقرت نقرتين، فأتى صوته سامحًا لها للمرة الثانية :

-خشي يا هانم !

كان وجهها محكم التعابير الواجمة، رفعت ذقنها و دلفت إليه بشموخٍ، و لكن عينيها كانت بالأرض، مسبلة أهدابها هكذا كدليلٍ على احترامها لكبير البيت.. كبير العائلة و الحي كله.. زوجها ...

وقبل أن تبصر عيناكِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن