_ سيكون هنا ! _

14K 810 53
                                    


ضجيجٌ مزعج و دق مستمر و أصوات معدات كهربائية، كلها أشياء ساهمت بإيقاظه بنسبة مئة بالمئة، و لكنه لم يأخذ كفايته من النوم، بالكاد أغمض عينيه قبيل الفجر بمدةٍ بسيطة

كم الساعة الآن ؟

تأفف "رزق" و هو يتمطى بصعوبة في هذه الأريكة التي لم تستوعب حجمه أصلًا، حيث ساقيه تمتدان متجاوزة حافتها و رأسه مائلًا بزاويتها بطريقة مؤلمة

مد يده إلى الطاولة المجاورة، و دون يفتح عينيه راح يتحسس سطحها، حتى عثر على هاتفه.. إلتقطه و وضعه أمام وجهه مباشرةً... و عند ذلك أجبر نفسه على إزاحة أجفانه المتثاقلة ليقرأ الساعة الرقمية عبر الشاشة المضاءة

رباه.. 25 : 9 AM .. إذا لم يكن هاتفه قد خرب و هذا مستحيلًا بالطبع !

لم تسنح له فرصة إستيعاب شيئًا آخر إلا و سمع صوت أبيه يعلو من جهة المطبخ :

-إنسى خلاص. مش هاتعرف تنام تاني. خدها من قاصرها و كفاياك فرك. تعالى يا رزق يلا.. أنا حضرت الفطار

زفر "رزق" بقوة ناقمًا على هذه الحياة كلها، حتى ساعات الصباح الأولى التي يعتبرها الأهم في يومه غالبًا ما تمر هنا بشكلٍ مزري.. كما يحدث الآن

قام في الأخير مستسلمًا للواقع و الظروف القهرية ...

كان لا يزال بثياب البارحة، فقط من دون حذاؤه و سترته الصغيرة، و قميصه كان محلول الأزار كاشفًا عن صدره و بطنه المسطح المرصع بالعضلات السداسية خاصته

مشى مترنحًا و هو يحك فروة رأسه منشطًا منطقة الدماغ كلها، في أقل من دقيقة كان ماثلًا أمام أبيه بالمبطخ.. شاهده من خلال نظراته المشوّشة قليلًا و هو يفرغ مقلاة العجَّة بصحنٍ كبير و يرش فوقها البقدونس

إبتسم "رزق" إبتسامة لم تصل إلى عينيه، لينظر إليه "سالم" في هذه اللحظة و يبادر بالقول مبتسمًا بدوره :

-طبعًا فاكر طبق البيض ده. ماكنتش بأكلك غيره أساسًا لما كنت صغير و عايش معايا لوحدك.. أول ما بدأت تزهق منه سيبتني و نزلت تقعد عند ستك. يا بايع يابن الـ××× !

لم يتمالك "رزق" نفسه من الضحك و هو يرد عليه بصوتٍ متحشرج قليلًا :

-و طول السنين دي كلها لسا مستواك في المطبخ زي ما هو !!

-إتريق عليا كمان يا محترم

-مين قال إني محترم ؟

و تجاوزه ماضيًا نحو حوض الجلي، فتح صنبور المياه و وضع رأسه تحت الرذاذ البارد لمدة دقيقتين، ثم أغلقه و رفع هامته مطلقًا نهدة منتعشة.. الآن يشعر بأنه أفضل

وجد منشفة نظيفة بجواره، فتناولها و أخذ يجفف شعره و وجهه، بينما يربت أبيه على كتفه هاتفًا و هو يسحب كرسي لنفسه :

وقبل أن تبصر عيناكِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن