يجلس الآن بشقة أمه، صدره يخفق باللهاث، السوط الذي مزق به جسم إبنه لا يزال في قبضته، يقطر دماء "مصطفى" حتى هذه اللحظة فوق الأرض عند قدمه
بينما قبضته الأخرى و الملطخة أيضًا بنفس الدماء مفرودة أمام عينيه، لا تكف عن الارتعاش لا إراديًا.. عجبًا !
لما كل هذا الإنفعال الآن ؟ أليس هو الذي صمم أن ينزل بولده هذا العقاب الشديد أمام أعين رعاياه قاطبةً ؟
و هو بذاته الذي أراد إذلاله ثأرًا لشخصه هو بالمقام الأول.. إذ كثرت أخطاؤه أمامه بالآونة الأخيرة و صار يتبجح عليه بجرأة ملفتة للأنظار... بالنسبة إليه مئة بالمئة قد إستحق "مصطفى" ما حاق به
و لكن... بعد كل ما جرى.. بعد محيئ "رزق" تحديدًا و إنقاذه لأخيه من قبضته.. لماذا هو مبعثر الفكر هكذا ؟
لماذا يشعر بالارتباك و هو نادرًا ما يحدث له بحياته !!!
-إرتحت يا إمام إنت و بتك ؟؟؟ .. هدر صوت الجدة "دلال" بكل هذا القدر من الغضب و الحسرة في آنٍ
كانت الدموع بعينيها تترقرق مهددة بالسقوط في أيّ لحظة، بينما يقف إبنها الأوسط أمامها مطرق الرأس كتلميذٍ معاقب يستمع لتوبيخها المتواصل :
-بهدلة مصطفى قصاد الخلق بردت قلوبكوا ؟ لو كان أبوه خلص عليه خالص كنتوا هاتتبسطوا أكتررررر ؟؟؟؟؟
حاول "عبد الله" الذي إنضم إليهم حديثًا أن يتدخل و هو يغلق باب الشقة الآن حتى لا يصل الحديث إلى الخارج :
-ياما إهدي شوية. مش حلوة العصبية دي عليكي.. إللي حصل حصل بقى خلاص
دلال بصراخٍ منفعل :
-لأاااااا. مش خلاااااااص.. أنا قلبي ده قايد ناااار. أول مرة تحصل. أول مرة أسمع و أشوف. الراجل يتجلد و يتقل منه عشان حرنان على شرفه ؟؟؟؟
و بتك يا إمام إللي تستاهل كسر رقبتها. قسمًا يمين بالله أنا لو كنت بصحتي كنت طلعت أنا و جبتها من شعرها تحت رجلي. إللي تقفل على روحها باب الأوضة و قال إيه خايفة
خااااايفة من إيه الـ××××× دي ؟؟؟؟
إللي أصغر منها عنيهم بجحة و ما يصدقوا يشوفوا راجل أصلًا و إنتوا تخيل عليكوا الحركات إللي عملتها السافلة قليلة الرباية
الله يرحمه أبوك لو كان عايشلها ماكنش طلع عليها صبح. إنتوا خيبتوا كلكوا خلاص. مابقتوش رجااااالة ...-خلاص يامــــا !!! .. صاح "سالم" مقاطعًا إياها فجأة
رفع رأسه مصوّبًا نحو أمه نظراته المحتقنة بمشاعره المتضاربة كلها، ثم قال بحدةٍ رعناء :
-الموضوع ده إنتهى. محدش هايجيب سيرته تاني أصلًا و إن سمعت بيه هاقطع لسان و خبر أي حد ممكن ينطق بكلمة تانية.. حتى لو كان من أهل البيت ده !!
و هب واقفًا بلحظة ساحبًا شال عباءته على كتفه، ثم مضى كعاصفة من بين أخويه، فتح باب الشقة و عبر خلاله قاصدًا شقته بالأعلى ...
أنت تقرأ
وقبل أن تبصر عيناكِ
Romanceلستُ برجلٍ يُعاني من داء الكآبة.. لستُ أناني و لا سوداوي.. بل أنا في الحقيقة يا عزيزتي شيطانٌ تائب تراجع عندما لم يجد فيك مأخذا و أقبل عندما أبى في غيرك تقربًا