_ لا تخافي ! _

13.7K 830 49
                                    

يجلس الآن بشقة أمه، صدره يخفق باللهاث، السوط الذي مزق به جسم إبنه لا يزال في قبضته، يقطر دماء "مصطفى" حتى هذه اللحظة فوق الأرض عند قدمه

بينما قبضته الأخرى و الملطخة أيضًا بنفس الدماء مفرودة أمام عينيه، لا تكف عن الارتعاش لا إراديًا.. عجبًا !

لما كل هذا الإنفعال الآن ؟ أليس هو الذي صمم أن ينزل بولده هذا العقاب الشديد أمام أعين رعاياه قاطبةً ؟

و هو بذاته الذي أراد إذلاله ثأرًا لشخصه هو بالمقام الأول.. إذ كثرت أخطاؤه أمامه بالآونة الأخيرة و صار يتبجح عليه بجرأة ملفتة للأنظار... بالنسبة إليه مئة بالمئة قد إستحق "مصطفى" ما حاق به

و لكن... بعد كل ما جرى.. بعد محيئ "رزق" تحديدًا و إنقاذه لأخيه من قبضته.. لماذا هو مبعثر الفكر هكذا ؟

لماذا يشعر بالارتباك و هو نادرًا ما يحدث له بحياته !!!

-إرتحت يا إمام إنت و بتك ؟؟؟ .. هدر صوت الجدة "دلال" بكل هذا القدر من الغضب و الحسرة في آنٍ

كانت الدموع بعينيها تترقرق مهددة بالسقوط في أيّ لحظة، بينما يقف إبنها الأوسط أمامها مطرق الرأس كتلميذٍ معاقب يستمع لتوبيخها المتواصل :

-بهدلة مصطفى قصاد الخلق بردت قلوبكوا ؟ لو كان أبوه خلص عليه خالص كنتوا هاتتبسطوا أكتررررر ؟؟؟؟؟

حاول "عبد الله" الذي إنضم إليهم حديثًا أن يتدخل و هو يغلق باب الشقة الآن حتى لا يصل الحديث إلى الخارج :

-ياما إهدي شوية. مش حلوة العصبية دي عليكي.. إللي حصل حصل بقى خلاص

دلال بصراخٍ منفعل :

-لأاااااا. مش خلاااااااص.. أنا قلبي ده قايد ناااار. أول مرة تحصل. أول مرة أسمع و أشوف. الراجل يتجلد و يتقل منه عشان حرنان على شرفه ؟؟؟؟
و بتك يا إمام إللي تستاهل كسر رقبتها. قسمًا يمين بالله أنا لو كنت بصحتي كنت طلعت أنا و جبتها من شعرها تحت رجلي. إللي تقفل على روحها باب الأوضة و قال إيه خايفة
خااااايفة من إيه الـ××××× دي ؟؟؟؟
إللي أصغر منها عنيهم بجحة و ما يصدقوا يشوفوا راجل أصلًا و إنتوا تخيل عليكوا الحركات إللي عملتها السافلة قليلة الرباية
الله يرحمه أبوك لو كان عايشلها ماكنش طلع عليها صبح. إنتوا خيبتوا كلكوا خلاص. مابقتوش رجااااالة ...

-خلاص يامــــا !!! .. صاح "سالم" مقاطعًا إياها فجأة

رفع رأسه مصوّبًا نحو أمه نظراته المحتقنة بمشاعره المتضاربة كلها، ثم قال بحدةٍ رعناء :

-الموضوع ده إنتهى. محدش هايجيب سيرته تاني أصلًا و إن سمعت بيه هاقطع لسان و خبر أي حد ممكن ينطق بكلمة تانية.. حتى لو كان من أهل البيت ده !!

و هب واقفًا بلحظة ساحبًا شال عباءته على كتفه، ثم مضى كعاصفة من بين أخويه، فتح باب الشقة و عبر خلاله قاصدًا شقته بالأعلى ...

وقبل أن تبصر عيناكِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن