العودة إلى الوطن

70 7 5
                                    

في غرفة مظلمة،جلست وحيدا و صوت حركة عقارب الساعة يتردد على طول الغرفة،أمامي تتواجد نافذة تطل على سماء مليئة بالنجوم بنفسجية اللون،لم أكن قادرا على الوقوف للحظة من الزمن،كنت ملتصقا بالكرسي الخشبي الذي أجلس عليه،أشعر بالتعب و الخمول،أريد أن أغلق عيناي و أنام... للأبد...لكن نسيما جعل النافذة تفتح ببطئ،ريح عليل جعل جسمي يستفيق من سباته،شعرت بالحرية و أنا أقف من مكاني،و الحماس يتملكني،لماذا؟؟...أريد أن أرى من هذه النافذة،ماذا يوجد في الخارج يا ترى؟؟...تحركت بخطوات بطيئة،و الظلام يزداد لحظة بعد لحظة،وصلت بعدها،ثم نظرت بكل حذر،لم يكن شيئا يمكن رؤيته كل يوم،كان منظرا غريبا،كأن العالم مقلوب رأسا على عقب،كانت السماء البنفسجية تغطي المكان بأكمله،و كانت مياه زرقاء تطفوا من فوق السماء،كان الأمر مريبا جداً،فجأة فتح باب الغرفة،ليدخل النور إلى المكان،كان شخص ما يقف أمام الباب،لم أستطع رؤيته،بشدة النور المنبعث من المكان،لم اكن قادرا على فتح عيناي جيداً،ثم قال بصوت عميق جداً،كأنه يتحدث من داخل بئر:((أنا مسرور لما تفعله...فقط فل تحقق له العدالة...العدالة التي يستحقها...أضع ثقتي فيك...أنا على يقين أنك ستكشف أمره و سيعاقب أشد العقاب...أنا مسرور بوجودك في عالمه.... شكراً لك)).
ثم أغلق الباب و عاد الظلام من جديد...من كان هذا الشخص؟؟...صوت رجل!!...لكن من هو؟؟..ليبدأ المكان يتحرك من كل جنب،زلزال يضرب هذا المكان،في رمشة عين إنفجرت المياه الطافية في السماء لتغرق المكان بأكمله،حاولت الهرب لكن الظلام إبتلع الغرفة لتغمرني المياه و أنا أحاول التنفس،و أنا أقاتل بكل مشقة...بصرخة واحدة وسط المياه،فتحت عيناي و أنا أشعر بالخوف،وجدت نفسي في مكان أخر...مكان هادئ،بجانبي جلست مولي،و بجانبها جلس كارل...قالت مولي:((هل أخذت قسطا جيدا من الراحة؟؟)).
أجبتها بحلق جاف:((نعم...أين نحن؟؟)).
قالت:((قالت مضيفة الطيران أنه تفصل بيننا و بين روسيا ساعة واحدة)).
إذن نحن داخل الطائرة...و أخيرا حان الوقت...وقت البحث عن الحقيقة....

تحدثت مضيفة الطيران:((بعد لحظات ستبدأ الطائرة في النزول إلى العاصمة موسكو...فل تضعوا أحزمتكم حتى تصل الطائرة إلى المطار الدولي)).
قالت مولي بعد نهاية كلامها:((و أخيرا وصلنا...أشعر بالتعب الشديد)).
قال كارل:((أنا أيضا...هذه مرتي الأولى)).
قلت:((أظن المكان سيكون باردا جدا)).
قالت مولي:((لا تقلق لقد أحضرت كل شيء)).
بعدها بدأت الطائرة في النزول...و إحساس بالغثيان ينتابني...في النهاية وضعت الطائرة عجلاتها ثم توقفت ببطئ...لتتحدث المضيفة من جديد:((لقد وصلنا ألى العاصمة موسكو...بعد دقائق يمكنكم النزول...شكرا لكم و عطلة سعيدة)).
بعد مرور تلك الدقائق بدأ الجميع في النزول... كانت الطائرة مكتظة بالمسافرين...أمسكت مولي بيد كارل،بينما أخذت أنا أتحرك في المقدمة...كان الجو باردا في الخارج...حيث دخلت بعض النسمات الباردة من الخارج...لكنه منعش جداً... أخذت أنزل من الدرج...عندما وضعت قدمي على أرض موسكو....توقفت للحظة من شدة الشعور الذي شعرت به...إحساس مليئ بالفخر و الوطنية...حب و شغف و إشتياق...المكان الذي ولدت فيه،اللغة التي أتحدث بها...الأكل...التقاليد...الحنين إلى الوطن...ظهرت راية روسيا ترفرف في السماء و أنا أشعر بكل فخر لكوني ولدت في هذا الوطن العزيز...شعور رائع جدا جدا....وضعت مولي يدها فوق كتفي ثم قالت ببطئ:((هيا بنا...لقد جعلت من ورائك ينتظر)).
عندما وصلنا إلى داخل المطار...قالت:((ماذا حدث لك حينها؟؟...)).
أجبتها و الدموع تغرغر داخل عيني:((لا أعلم...فقط أشعر بالحنين لهذا المكان...كأنه وطني)).
قالت بعد صمت:((لكنك تعلم السبب...أليس كذلك؟؟)).
قلت:((نعم....إنه ألكساندر)).

أعمىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن