عدت إلى المنزل..و الجميع ورائي..أتحرك دون الإعتماد على أحد..فتحت الباب بنفسي..ثم دخلت..لم يتغير شيئ منذ أخر مرة رأيت فيه المنزل..المطبخ الكبير ذو النوافذ الواسعة..و الصالة المؤثتة جيدا..و الصور المعلقة الخاصة بي و لأخي مايكي بقيت مثلما كانت..صعدت إلى غرفتي..إبتسمت للحظة عندما رأيتها مرة أخرى..سريري الواسع..مكتبي الصغير..و الخزانة الزرقاء..الهدية التي أهدتني إياه جدتي في عيد ميلادي السابع..وقفت بجانب النافذة و أنا أتأمل الشارع الساكن..لأسمع خشخشة بجانبي..عندما أدرت وجهي..وقفت أشاهده للحظة..قبل أن أسقط على ركبتاي ثم إلتقطته و عانقته بشدة..قلت بصوت متقطع:((با..بي..بابي)).
كان جروا ممتلئا ذو فرو أبيض كالسحاب..و عيناه الصغيرتان مليئتان بالدموع..أخذت أعانقه و هو يداعب وجهي بلسانه..لقد كان هدية ميرتيل الغالية..و التي لن أنساها أبدا..فجأة سقطت الرسالة التي أعطتني إياها سابقا..وقفت من على الأرض..وضعت بابي فوق السرير..فتحت الخزانة و أخذت أبحث بين الملابس..لأجدها أسفل سروال أزرق..أخذت الرسالة و الحزن ينتابني..لم أكن أريد أن أعيد هذه الذكريات من جديد..لكني لا أستطيع نكرانها..أبدا..جلست على السرير بجانب بابي..فتحت الرسالة..أخذت نفسا عميقا..ثم أعدت قرائتها من جديد..أنهيتها و عيناي تدمعان من شدة الإشتياق..بعدها تذكرت ماذا قالت لي مولي حينها..أن الرسالة كانت مرفقة بصورة لها وهي مسنة..وقفت بسرعت و أخذت أبحث أسفل ملابسي في الخزانة من جديد..و أنا متلهف لرؤيتها..أخذت أرمي ملابسي على الأرض حتى وجدتها..أخذت أحاول تمالك أنفاسي..أخذتها ثم عدت إلى مكاني..ياإلهي كم كانت جميلة..كانت تبتسم بإشراق كشمس ساطعة وسط السحاب..شعرها الأبيض القصير بدى جميلا جدا..عيناها مغلقتان بسبب إبتسامتها الواسعة..كانتا عسليتان مليئتان بالحب..كانت جميلة جدا..رغم كل الظروف القاسية التي مرت بها..أخذت أنظر إليها لمدة طويلة..لم أستطع أن أفارقها..لم أعد أتحمل..لذلك سقطت على الأرض أبكي و أتألم بصمت..فلم أعد أريد مشاركة حزني مع أي أحد..فاليوم فقط أريد البكاء و أنا مستلقي على الأرض أعانق صورة ميرتيل و أتذكر الأوقات التي أمضيتها معها..
إستغرقت في النوم..وجدت نفسي مستلقي في الأرض و صورة ميرتيل بجانبي..وقفت بتثاقل و وضعت الصورة داخل الرسالة و خبئتها في مكان أمن..لم أكن أريد النزول للأسفل..لقد إشتقت إلى غرفتي..المكان الذي أمضيت فيه معظم أوقاتي و أنا أعمى..عدت أستلقي فوق سريري من جديد..و بدأت أتذكر كل شيئ حدث لي..اليوم الذي تعرضت فيه للحادث..أول مرة أذهب لمنزل ديريك..و الأغنية التي ألفها حينها..ميرتيل..عيد ميلادي في المستشفى..خيانة صديق طفولتي التي جعلت حياتي تنعطف و تتخذ طريقا أخر..و أيضا..التعرف على شخص لن أنساه أبدا..بروك لي..و الذي تمنيت فقط لو أراه مرتا أخرى..عندما تذكرته من جديد..قررت حينها أن أقوم بزيارة منزله..أريد رؤية إخوته..و صورة له في شبابه..فقط أريد رؤية وجهه الذي لن أراه أمامي أبدا..فقط أريد أن أتذكره من جديد..
أنت تقرأ
أعمى
Romanceكم هو صعب أن تكون شخصا عاديا يستمتع بحياته و شبابه..و في لحظة يختفي كل شيئ و تجد نفسك وسط ظلام كاحل..لترى بعدها حقيقة من تحب و حقيقة من كنت تكره..ومن سينتصر في النهاية..النور المليئ بالحب و الصداقة..أم الظلام المشبع بالكره و الخيانة..أو كليهما.. "أ...