أحسست بنوع من السرور عندما وافقت مولي على قراءة الرسالة..فهي الشخص المناسب لهذا..لقد حان الوقت لمعرفة حقيقة ميرتيل..من هي..وكيف عاشت حياتها الحزينة..عندما سمعت صوت خربشة الورق وهو بين يدي مولي..بدأت دقات قلبي تتسارع..فقد كنت خائفا بعض الشيئ رغم ذلك..قالت لي مولي قبل أن تبدأ:((هل أنت مستعد؟؟)).
أومأت برأسي قائلا:((نعم..)).
لتبدأ في القراءة:((مرحبا صغيري..أظنك متشوقا لمعرفة حياتي السابقة..وقد حان الوقت أخيرا..و أتمنى أن تتقبل إعتذاري لعدم تواجدي معك في هذه اللحظة..لكن أظن أن روحي ستكون هناك متجسدة في الرسالة..لذلك لامزيد من هدر الوقت..حسنا..إسمي الكامل هو ميرتيل لوبيز..تزوجت في عمر الواحد و العشرين بشاب إسمه مارتين غريغور..لقد كان وسيما و لطيفا جدا..أمضيت معه أجمل الأوقات في حياتي..خاصتا عندما رزقنا بغازلي و جايكوب..لقد كانوا قمري و شمسي و نجومي...كانوا أغلى شيئ لدي..عشنا حياتنا كأي عائلة سعيدة في العالم..حتى جاء اليوم الذي بدأت فيه المأسي و الأحزان..حينها كان عمري مابين الأربعة و الثلاثين..خرجنا أنا و زوجي الغالي لتناول العشاء معا..مازلت أذكر ذلك المطعم الفاخر حيث تذوقت أفضل النبيذ في حياتي..و تناولنا السمك الطازج بالصلصة البيضاء الطرية..و تبادلنا النكت حتى النشوة..كانت أفضل ليلة لدينا..كما هي الأسوء في الوقت نفسه..فعند عودتنا كان الطريق خاليا جدا..ماجعل مارتين يزيد في سرعته..فقد كنت مستمتعتا رغم ذلك..فقد شربنا كثيرا..ليخرج بين الأشجار غزالة ضئيلة الحجم..وقفت خائفة وسط الطريق..بدأ زوجي يظغط على الفرامل..لكن تأخر الوقت..إصطدمنا بالغزالة و إنقلبت السيارة في الهواء..مازلت أتذكر إحساس الخوف و الإختناق الذي أحسست به...لم أستفق بعدها إلى أن مرت خمسة أيام تقريبا..وجدت نفسي في المستشفى..لكن لم يكن زوجي بجانبي..فقد أخبروني أنه قد مات لحظة الحادثة..زوجي الغالي رحل..وتركني مع ولدان يافعان..إضافتا أنني قد صرت عمياء بعدها..أمضيت بقية أيامي في الظلام و الحزن و الوحدة..فقد تزوجت إبنتي بعد عام على ماحدث..تاركتا جايكوب ليرعاني...لكنه..لكنه كان قاسيا جدا..لم يكن يريد مساعدتي..لم يستطع أن يتقبل حالتي..فقد كنت محل حرج بين أصدقائه..ذات يوم إستيقظت أبحث عنه ليساعدني على النزول في الدرج..لكنه لم يكن هناك..فقد ناديت حتى تعبت..لأسقط في الدرج حتى الأسفل..لكنه لم يأتي رغم ذلك..فقد وضع رسالة صوتية في هاتف أحد أصدقائه..يخبرني أنه قد رحل عند خالته...فلم يعد يستطيع التحمل..فلو كان يريد أطفال لرعايتهم..لتزوج باكرا..وقفت مندهشتا أبكي لوحدي..لكن صديقه ذاك طيب جدا..كان إسمه..أممم..أه نعم براد..أخبرني أن والدته طبيبة للعميان في مركز خارج المدينة..لم أكن أملك المال وقتها..فقد أخذ جايكوب كل شيئ عندما ذهب..لكن والدة براد كانت طيبة مثله..و إسمها مونيكا..قامت بمساعدتي مثلما فعلت معك..خطوة بخطوة..حتى تعلمت القراءة بإستعمال أبجدية برايل..حتى يوم سعيد وصل الأطباء إلى حل ليعاد النظر إلي من جديد..لن تتذكر الفرحة التي أحسست بها لحظتها..أن تولد من جديد..قامت مونيكا بدفع تكاليف العلاج..وساعدتني حتى تعودت عيناي على الرؤية من جديد..لأبدأ بعدها بمساعدة العميان على تخطي حالتهم..فقد مررت بمثل حالتهم..لكن مثلما قلت سابقا..فأنت مختلف على البقية..ولدي أمل على عودة النظر إليك من جديد..فقط الشيئ الوحيد الذي سأطلبه منك..هو أن تبحث عن منزل مونيكا في شارع الخياطة..ستجد مبلغا ماليا في حسابي الخاص..الرمز السري أسفل الرسالة..أعطها ذلك المبلغ..فقد قمت بجمعه طوال مسيرة عملي..فقط لشكرها على مافعلته معي..إذن هذه حياتي الخاصة..و أتمنى أن تعجبك..ها ها...أظنها سخيفة..لذلك لا تفقد الأمل..فكل شيئ ممكن في عصرنا الحالي..إعتني بنفسك و عائلتك و أصدقائك..فهم سندك..و أنت جدارهم..قبلة إليك من طرف من يقرأ لك الرسالة..و أتمنى أن تكون مولي..)).
وضعت مولي قبلة مبتلة بالدموع على وجنتاي..ثم قالت:((إنها جميلة جدا..لقد وضعت هنا صورة لها وهي مسنة...لترى على الأقل وجهها..)).
أحسست بالإشتياق..لقد إشتقت إليها كثيرا..و يالها من قصة حزينة..لم أستطع تقبل مافعله جايكوب..فقد كان على حق..فلو كان معي الأن هنا..لاقمت بشق حلقه بسكين حاد..قلت لمولي:((هل يمكنك أن تصفي الصورة من أجلي)).
قالت:((لا..لن أفعل..فهي على حق..أنا واثقة أن نظرك سيعود إليك..وحينها سترى الصورة بعينيك..)).
الكل يساعدني..الكل متمسك بالأمل..لكنني لا أظن ذلك..فالمال هو العائق الذي يمنعني من التمسك بهذا الحبل..قالت مولي بعد أن أمسكت بيدي:((هيا..لدينا مهمة للقيام بها..البحث عن مونيكا في شارع الخياطة..)).
أومأت برأسي قائلا:((هيا..فأنا متشوق لمعرفة ميرتيل أثناء التدريب)).
ضحكت مولي كما فعلت الأمر نفسه..أه...ما أجمل الضحك مع من تحب..
أنت تقرأ
أعمى
Romanceكم هو صعب أن تكون شخصا عاديا يستمتع بحياته و شبابه..و في لحظة يختفي كل شيئ و تجد نفسك وسط ظلام كاحل..لترى بعدها حقيقة من تحب و حقيقة من كنت تكره..ومن سينتصر في النهاية..النور المليئ بالحب و الصداقة..أم الظلام المشبع بالكره و الخيانة..أو كليهما.. "أ...