لم أستطع أن أمسك نفسي عندما علمت أن الأمر قد حدث أخيرا..عندما بدأت أهدأ قليلا رحلت أمي و أبي و أغلقوا باب الغرفة ورائهم..بقيت جالسا على ركبتاي..شارذ الذهن..أتذكر كل اللحظات التي مررت بها..كل الذكريات القصيرة التي إختفت في رمشة عين..بروك لي..و الأن ميرتيل..وقفت بتثاقل ثم مسحت دموعي بمنديل رطب ثم نزلت الدرج دون إستعمال عصاي..أريد السقوط..أريد أن أرتطم بشيئ ما..كي أسمع صوتها وهي تأنبني..أو تضحك علي بصوت مكتوم..لكن الأمر لن يصير أبدا..وصلت الغرفة ثم جلست فوق الأريكة..لم أحس بمرور الوقت..فقد جلست رفقة أمي و أبي في غرفتي..حيث أمضينا الليل بأكمله..لكن رغم ذلك لم أستطع التخفيف عن نفسي..لم أمتلك شهية للأكل..فمعدتي مغلقة و مطبقة من شدة هذه الأحداث..أخذت أغلق عيناي وأنا أحاول العودة إلى العالم الخاص بي..الأحلام السعيدة..فجأة سمعت صوت شخص غير مألوف..لقد كان ديريك..فقد أخذني النوم للحظة..قال وهو يجلس بجانبي على ماأظن:((أنا أسف على ماحدث..لقد أخبرتني والدتك..)).
لقد طلبت منه المجيئ لمواساتي..أومأت برأسي بالإيجاب..فلم أكن في موقف يسمح لي بالكلام..قال من جديد:((أعلم أنك حزين جدا..لكن الأمر قد حدث..و القدر لايمكن تغييره)).
صمتت للحظة و أنا أفكر..ثم قلت له:((أنا أسف..)).
قال ديريك بشك:((أسف على ماذا؟؟!!..)).
قلت و الدموع تكافح لعدم الخروج:((على عدم مواساتك عندما كنت في أشد الحاجة إلى شخص ما..لقد كنت قاسيا معك..كما فعل الجميع..فألم الفقدان أكثر ألم من الطعن في القلب..لقد فقدت شخصان مهمان لديك..والدتك ثم أخوك الأصغر..بينما نحن نتحدث عنك بالسوء و نحاول التخلص منك..و قد فقدت شخصا ثالثا أيضا..بروك لي..)).
صمت ديريك و لم يتحدث..أنا متأكد أنه يبكي بدوره..أتممت القول:((لقد كان صعبا علي فقدانها أيضا..لقد كنت أكرهها في البداية..فقط سماع صوتها عندما تأتي يجعلني أشمئز و أتقزز..لكن الأمر بدأ يتطور مع الوقت..وقد تأكدت من الأمر عندما أخبرتني أنها سترحل عندما ننتهي..أحسست بالإشتياق..بالغيرة أنها ستدرب شخصا أخر غيري..و الأن عندما ماتت..أتمنى فقط أن تعود..وتذهب لتدرب غيري..فقط أريد رؤيتها بين الحين و الأخر..)).
قال ديريك بصوت مبحوح..ماجعلني أتأكد أنه كان يبكي بدوره:((أنا أيضا أتمنى الأمر نفسه سابقا..فقد كنت وحيدا عندما ماتت أمي..كنت أجلس في غرفتي أبكي دون أن يعلم أحد بذلك..كل ليلة أبكي وحيدا..و أتألم لفقدانها..بعدها جاء دور أخي الصغير..لم أستطع التحمل أكثر..فقط رؤية أبي يتألم تجعلني أتمنى الموت أيضا..لكن حينها كان شخص واحد بجانبي..كانت كالنور بالنسبة لي..فلاور..صديقة مولي..كانت دائما ماتأتي رفقة والدها إلى المنزل..فأبي صديق لوالدها..وكانت دائما ماتجعلني أحاول أن أنسى الأمر و أكمل حياتي..من أجلهم و أجل من أحبه و يحبني..لكن الأمر لم ينتهي..بعدها جاء دور بروك لي..لكن الأمر كان مختلف..فقد شاركت حزني مع الجميع..و الأمر نفسه يجب عليك فعله..)).
لم أستطع الإحساس بالراحة رغم ذلك..لم أكن أريد قولها..لكنني أخرجتها في النهاية:((أنا شخص مشؤوم..فقط فلتبتعد عني..لا أريد فقدانك أنت الأخر..فقط أريد البقاء في الظلام لوحدي..)).
أمسك ديريك بيدي..وقال بصوت صارم:((لن أفعل حتى لو كنت أنت الموت..فأنت صديقي..ولن أتركك وحيدا..لذلك لاتفكر في الأمر كثيرا..)).
لقد كنت مسرورا كثيرا لسماع هذه الكلمات..فرغم بساطتها..جعلتني أشعر بقليل من الراحة..فقد كانت كلمات نابعة من القلب..
أنت تقرأ
أعمى
Romanceكم هو صعب أن تكون شخصا عاديا يستمتع بحياته و شبابه..و في لحظة يختفي كل شيئ و تجد نفسك وسط ظلام كاحل..لترى بعدها حقيقة من تحب و حقيقة من كنت تكره..ومن سينتصر في النهاية..النور المليئ بالحب و الصداقة..أم الظلام المشبع بالكره و الخيانة..أو كليهما.. "أ...