وجدت نفسي مستلقيا على سرير من القش...قديم و تفوح منه رائحة قذرة...كان المكان عبارة عن غرفة ضيقة...يضيئها مصباح بلونه الأحمر...و صدى أصوات تأتي من الخارج...من الأعلى بالظبط...هل أنا...ليجيب صوت فجأة:((نحن في غرفة أسفل القبو...)).
لقد كان ألكساندر من تحدث...يجلس متكأ على الحائط...يرتدي ملابس سوداء تشع بقليل من البياض...شعره مسرح و قد وضع ملمع شفاه أحمر اللون...لقد كان مختلفا عن الشخص الذي أعرفه...قلت له:((أين نحن؟؟)).
أجاب و السواد أسفل جفنيه:((هل تريد حقا أن تعرف؟؟)).
أجبته:((نعم...)).
قال:((إفتح الباب أمامك...و انظر بنفسك)).
وقفت من على السرير ثم توجهت نحو الباب القابع أمامي...ترددت للحظة...هل أنا مستعد حقا لرؤية مايوجد خلف هذا الباب؟؟...أدرت وجهي لأسأله...لكنه لم يكن موجودًا في مكانه...أين إختفى؟؟...ليفتح الباب بعدها لوحده...لتبدأ الأصوات في الإرتفاع.... موسيقى صاخبة...أصوات أقدام عديدة...ضحكات نساء...كلما إقتربت و أنا أصعد الدرج...تزداد رائحة السيجارة الممزوجة برائحة العطر و العرق تملئ أنفي...و أخيرا عندما وقفت أمام باب ذو مصراعين....دفعته للحظة من الزمن...لم أشعر بنفسي و أنا أتحرك بين الحشود التي ترقص دون توقف...نساء عاريات...رجال يرقصون على أعمدة...مخدرات تتوزع في كل مكان...نقود تسقط كالمطر في كل مكان....عرق...عطر...رقص...حشيش...عري...رجال أثرياء....ألكسندر....وقف أمامي ينظر إلي...نظرة باردة....قلت بصوت غلبه الخوف:((ماذا يحدث؟؟...ما هذا المكان؟؟)).
أشار بإصبعه إلى جانبي الأيسر...عندما أدرت وجهي...كان هناك شاب يرقص على عمود حديدي....يرتدي ثياب تظهر نصف عورته....و جسده مخطط بخطوط بيضاء و الزيت يعطيه لون محمر...يرقص بكل لينة...و الرجال يرمون النقود أمامه بكل سرور...و الجميع يضحك و يشعر بالإثارة....ماهذا الذي تراه عيناي....عندما نظرت إليه...إنهمرت على خديه دمعة حمراء من دم...ثم قال بصوت حزين يملأه الخوف:((نعم...هذا أنا...هذا الذي كنت عليه حينها...هذا الشخص الذي كنت مظطرا أن أكون عليه...)).
قلت:((لكن...لقد كنت...)).
قال:((لقد بلغت حينها...لقد صرت شابا عاقلا...أنا من إتخذ هذا القرار...)).
قلت:((لكن لماذا؟؟...)).
قال:((من أجل الجميع...)).
قلت:((لقد تركت حياتك من أجل...أن تكون راقصا!!...)).
قال:((لو لم أفعل...لا فقدت كل من أحب...)).
قلت:((لكن... لماذا أنت؟؟...)).
قال:((لقد أتممت العمل الذي لم يكمله أبي...)).
قلت:((كان هذا عمل والدك؟؟)).
قال:((لا...لكن الأمر أكثر مما تظن...لقد رأيت البداية فقط...هذا ليس كل شيئ...هنا...في ذلك العمود...بدأ الأمر...)).
قلت:((ماهو؟؟...ماذا حدث بعدها؟؟...أرجوك دعني أساعدك..)).
قال:((لن تستطيع ذلك...فقد رحلت مسبقا...لقد حان وقت ذهابك)).
لم أشعر بالدم وهو يخرج من أنفي...قلت:((ليس بعد أرجوك...)).
قال مبتسما:((في المرة المقبلة...كن مستعدا...أريدك أن تكون قويا...)).
ثم إختفى كل شيئ في لحظة...لأجد مولي بجانبي تحاول أن تزيل الدم من على أنفي....قالت بتوتر:((ماذا حدث؟؟)).
لم أصدق بعد ما رأيته....لكنني إكتفيت أن قلت:((لقد كان...يرقص على العمود الذي أنهى حياته...))....
أنت تقرأ
أعمى
Romanceكم هو صعب أن تكون شخصا عاديا يستمتع بحياته و شبابه..و في لحظة يختفي كل شيئ و تجد نفسك وسط ظلام كاحل..لترى بعدها حقيقة من تحب و حقيقة من كنت تكره..ومن سينتصر في النهاية..النور المليئ بالحب و الصداقة..أم الظلام المشبع بالكره و الخيانة..أو كليهما.. "أ...