سوف تفقص البيضة قريبا...و ستصير تنينا يستطيع التحليق إلى أبعد الحدود...لكن يوما ما...سوف تفقد أحد أجنحتها...و لن تستطيع التحليق به أبدا...فقط جناح واحد...و حياة واحدة لن تتغير بعدها...
مازالت هذه الكلمات تدور داخل عقلي...مهما مر من زمن لا أستطيع نسيانها...خاصة عندما قالت العجوز ميلاروز:((
عندما ينقشع النور في عقلك... سيظهر السواد الذي بداخلك)).
فقد ظهر...ما جعلني أقف على حافة النافذة كي أخلص نفسي منه...جلست على جانب سريري و أنا أفكر وحيداً...قال ألكساندر وهو يقابلني:((أعلم أنك تحمل عبئا ثقيلا فوق كتفيك)).
أجبته:((أظن أنك تعلم ذلك)).
أجاب:((نعم...فنحن واحد الأن...)).
كان وقع هذا الكلام غريبا بعض الشيء...كأنني شخص مجنون أتحدث مع نفسي بلغة غربية...قال ألكساندر:((فقط قل الحقيقة و تخلص من هذا العبئ...)).
قلت:((لا أعلم إن كنت مستعدا أم لا...)).
قال:((يجب عليك ذلك...كي تستطيع التركيز أكثر مع ماحدث معي)).
قلت:((لكن إخباره ليس سهلا)).
قال:((إنه صديقك المفضل لوك...سوف يتقبل الأمر...ثق بي)).
قلت:((هل تعلم حقيقة ما حدث ذلك اليوم؟؟)).
أجاب:((نعم...لقد رأيته داخل عقلك)).
قلت:((لم أتذكر ذلك أبداً بسبب الحادث...فقد بحثت و وجدت أنه توجد حالات كهذه من فقدان الذاكرة...و هناك من يستعيد بقايا الأحداث مع مرور الزمن...و هناك من يفقد كل شيء....لكنني تذكرت بعد كل تلك المدة ماحدث....)).
قال ألكساندر:((لذلك قررت أن تقتل نفسك)).
أجبته و أنا أشعر بالخوف:((نعم...)).
قال:((لقد فكرت في ذلك مرات عديدة...و ها أنا ميت حقا في النهاية)).
قلت:((فقط كيف أفعل ذلك...في حدود ما كتبته تذكرت الأمر مثلما ظننت أنه حدث...قهوة ساخنة...و تفكير حول شخص أحببته داخل عقلي...و صوت تلك الشاحنة ثم...فقدان بصري....لكن الأمر كان أكثر من ذلك...كان أمرا سيئا للغاية ألكساندر...)).
قال و قد رسم إبتسامة على وجهه:((فقط أخبره بحقيقة ماحدث...و دعه يقرر بنفسه ماذا سيفعل حسنا...)).
قلت بعد لحظة:((حسنا...اليوم سأخبره)).
قال و قد شعرت بالسرور لوجوده معي:((أحسنت لوك)).
قلت:((لا تقلق سأكون بكامل تركيزي من أجلك...أعدك)).
إبتسم ليختفي لحظة أن رمشة عيني....شعرت بنوع من القوة...حان الوقت...سأخبره بالحقيقة التي لم أستطع تقبلها بنفسي...و أنا مستعد لتحمل عواقب ذلك...فديريك ليس صديقي فقط...بل روحا مماثلة لروحي...أجد فيه الأمان و القوة التي أحتاجها دائماً...لهذا سأخبره من أجل هذه الصداقة المتينة....وقفت في ذلك المكان...حيث حدث و بدأ كل شيئ...أخذت أنظر إلى الزاوية التي سقطت فيه السيارة...حيث جاء رجال الإسعاف و هم يحاولون إخراجي من داخل السيارة...هنا حيث صرت شخصا أعمى...هنا بدأت حياتي التي لم تنتهي من المفاجئات...مثل ما سأخبر ديريك الأن...جاء بسيارته بعد لحظة...خرج منها و جسده قد صار هزيلا أكثر من المرة السابقة...يوما بعد يوم يفقد نفسه أكثر...قال و الخوف تعلو ملامحه:((هل كل شيء على ما يرام لوك؟؟...)).
أجبته:((نعم...لا تقلق...فقط أردت إخبارك عن شيئ قبل رحيلي إلى روسيا)).
قال و قد وقف إلى جانبي:((أليس هذا المكان!!...حيث تعرضت لحادثة السير؟!!)).
أجبته و قد شعرت بنوع من السرور لمعرفته ذلك:((نعم...هنا فقدت بصري...النور الذي كان يشعل عيناي... لكنني الأن أرى بإحداهما)).
قال ديريك:((ألا تشعر بالخوف أو التوتر و أنت تقف هنا؟؟)).
أجبته:((لا...أنا فقط...أريدك أن تسمع الحقيقة...)).
قال و قد ظهر عليه الشك:((حقيقة ماذا؟؟...)).
قلت و قد شعرت بالخنق:((أنا أسف ديريك...أرجوا منك أن تسامحني...)).
قال:((ماذا يحدث لوك؟؟...لا تخفني هكذا...)).
قلت و الدموع تسيل من على وجنتاي:((لم أتذكر حقيقة ذلك اليوم حتى وقت متأخر من ما حدث...كل ما أخبرت به الجميع لم يكن ما حدث...لقد كان الأمر الذي ظننته قد حصل...و قد صدقته طوال هذا الوقت...قهوة ساخنة...تفكيري حول مولي... كل هذا لم يكن حقيقة الأمر...فقط ما ظننته عندما إستيقظت بعد الحادثة...لكن بعد أن عادت الذكريات إلي...خاصة عندما ذهبت لرؤية ميلاروز....عاد الأمر إلى ذهني كأنه قد حدث البارحة...كل شيء...كل شيء ديريك...)).
قال:((لم أفهم قولك لوك؟؟...ماذا حدث ذلك اليوم بالظبط؟؟...)).
قلت و قد أحسست بالضيق في قلبي:((ذلك اليوم...عندما أخذت السيارة....كنت أشعر بالغضب...الغضب الشديد...كنت أكرهك كثيراً حينها...بسبب معاملتك لي...لونارد و كل شخص ضعيف مثلي...طريقة تصرفك كنت أحتقرها كثيرأ...حينها عندما كنت في الطريق...رأيتك على الجانب رفقة أصدقائك القدامى...في تلك اللحظة لم أشعر بنفسي... الشيء الوحيد الذي كنت أفكر فيه هو....أن أقوم بدهسك بالسيارة...و قتلك و التخلص منك للأبد...لم أشعر بقدمي و أنا أضغط بقوة...لتسرع السيارة نحوك...كنت أعمى حقا للحظة من الزمن حينها...كان الغضب من يتحكم في...لتظهر الشاحنة أمامي...فقد خرقت الضوء الأحمر...ثم حدث كل شيء فجأة تحطمت السيارة ثم فقدت الوعي...و صرت أعمى بسبب أنانية تفكيري...لقد إستحققت هذا ديريك...و أنا متأكد أنك عندما علمت ما حدث لي علمت أنه أنا من كان في تلك السيارة حينها...لقد كنت هناك وقت الحادثة أليس كذلك؟؟؟...لقد تذكرت نفسي و أنا أنظر إليك....و قد كنت تنظر إلي بدورك أيضا....فقط لماذا قمت بمسامحتي رغم ذلك ديريك!؟؟...لماذا؟؟؟...فأنا شخص شرير للغاية....لقد كنت سأفقدك ذلك اليوم...لو لم تكن تلك الشاحنة؟؟؟...لو لم تكن؟؟....كنت...)).
أخذ يعانقني بشدة...قال بصوت هشيش جداً:((لابأس لوك...لقد كنت أعاملك بقسوة حينها...لقد تقبلت الأمر...أعلم دافعك... لهذا لم أخبرك أبدا....كنت على علم أنك لن تستطيع تقبل الأمر...و سوف تفقد نفسك أكثر مما حدث...لهذا سامحتك منذ اللحظة التي قمت بزيارتك في المستشفى...أنا أسامحك لوك...)).
لم أشعر بنفسي و أنا أبكي بين ذراعيه...لقد تحملت الأمر أكثر من طاقتي...لقد شعرت بنوع من الراحة....راحة لم أشعر بمثلها من قبل...كأن ثقلا قد أزيل من فوق كتفاي...قال ديريك وهو ينظر إلي:((لقد كان الأمر صعبا علي أيضا...أن تدرك معنى أن تراقب شخصا دمرت حياته بسببي...لهذا لوك أنا معك دائما مهما حدث حسنا...)).
أجبته:((و أنا أيضا)).
للحظة فقدت كل شيء...لكنه عاد إلي من جديد...
أنت تقرأ
أعمى
Romanceكم هو صعب أن تكون شخصا عاديا يستمتع بحياته و شبابه..و في لحظة يختفي كل شيئ و تجد نفسك وسط ظلام كاحل..لترى بعدها حقيقة من تحب و حقيقة من كنت تكره..ومن سينتصر في النهاية..النور المليئ بالحب و الصداقة..أم الظلام المشبع بالكره و الخيانة..أو كليهما.. "أ...