إستيقظت داخل غرفة صغيرة،كنت نائما على سرير رطب و مريح،صنع من ريش البط الأبيض،شعرت بنوع من الهدوء و أنا أقلب عيني في كل إنش من هذه الغرفة،كانت مزينة بشكل تقليدي،رفوف كتب خشبية،ستائر بيضاء عادية،ملصقات لمصارعين معروفين،و ألعاب مصنوعة عن طريق اليد ملقيت على الأرض،و بجانبي لاحظت سريرا أخر،بنفس حجم و شكل هذا الذي أنام عليه،في البداية لم أعلم أين أتواجد،لكن عندما فتح باب الغرفة ليدخل طفل صغير يركض قائلاً:((ألكساندر هيا حان وقت الفطور)).
لأجده واقفا أمام النافذة ينظر إلي و هو طفل في العاشرة،قال بصوت منخفض:((حسنا أنا قادم دينيس...لا تصرخ رأسي يؤلمني)).
لم يكن ألكساندر البالغ معي في الغرفة،عندما خرج دينيس من الغرفة،سقط ألكساندر على ركبتيه وهو يمسك برأسه، ليمر خيط من الألم داخل رأسي،كان شعورا صعبا للحظة معينة،أردت الصراخ من شدة الألم،كأن عروقي العصبية ستنفجر في أي لحظة،هل هاذا ما يشعر به ألكساندر في هذه اللحظة؟؟...إختفى الألم بعد دقائق،ثم وقف من على الأرض بتثاقل،و خرج من غرفته نحو المطبخ لتناول الفطور،تبعته بدوري،كانت أمه تضع الصحون على الطاولة بينما أخذ دينيس يأكل في صحنه،قالت والدته بإبتسامة مشرقة:((صباح الخير عزيزي)).
قال ألكساندر:((صباح الخير أمي)).
ثم أخذ يجلس إلى جانب أخيه الأصغر,قال عندما وضعت أمه صحنه أمامه:((أين أبي؟؟)).
لم تجب والدته حينها،بعد صمت قصير أجابت:((لديه عمل كثير اليوم في المدينة....لذلك ذهب في الصباح الباكر)).
قال ألكساندر بملامح باردة:((حسنا)).
ثم أخذ يتناول فطوره....لا أعلم ماذا يحدث هنا بالضبط...لكن شعورا ما ينتابني....شيئ سيء سيحدث اليوم....هاذا الجو الذي يحيط هذا المكان... مليئ بالفأل السيء....لكن هذا الشعور الذي أتحسسه داخل ألكساندر...كأنه يخبرني...أنه متعب من نفسه و من حوله ومن أماله و كل شيء في هذا العالم...أخذ بعد أن ساعد أمه في تنظيف المنزل يركض في المراعي الخضراء،و أنا أركض من ورائه،و نسيم الرياح يحرك خصلات شعري بكل لطف،كان الجو جميلا جدا في هذا المكان،لكن ألكساندر رغم ذلك مازال الحزن يظهر على عينيه،لم يتوقف عن الركض،رغم تثاقل أنفاسه،عند وصوله إلى المنحدر،وقف كلب أبيض الفرو أمامه،لم أشعر به و هو يركض معنا،كما لم يشعر ألكساندر بدوره،قال ألكساندر للكلب:((هيا بنا "بوب")).
نبح الكلب مرتين ثم أخذ ينزل المنحدر ركضا، تبعته بدوري،كان الأمر خطيرا جداً،لم أكن قادرا على أن أتوقف،عندما رفعت رأسي وجدت ألكساندر يتدحرج على المنحدر و بوب ورائه، تعثرت لأسقط متدحرجا بدوري،رأيت المكان يدور من حولي رأسا على عقب،مرة في الأسفل و مرة أخرى من الأعلى،لم أشعر حتى توقفت،حينها كنت قد وصلت إلى الحقل،حيث زرعت أشجار البرتقال،و العنب الخاص بالخمر في كل مكان،و أزهار الياسمين تعطي منظرا يصر الأعين،نظرت نحو ألكساندر،كانت المرة الأولى التي أراه فيها يبتسم اليوم...كانت الإبتسامة تملئ محياه،عاد السرور إلى وجهه للحظة و بوب يداعبه بلسانه،كانت رؤيته يبتسم قد جعل نفسي ترتاح للحظة،لكن رغم ذلك....لم يختفي بعد...ذلك الإحساس المشؤوم...رغم هذا الفرح و الضحك الذي يعتريه...فهذا الحزن أشد قسوة و حاد كالسكين...كيفما فعلت يجرحني...
أنت تقرأ
أعمى
Romanceكم هو صعب أن تكون شخصا عاديا يستمتع بحياته و شبابه..و في لحظة يختفي كل شيئ و تجد نفسك وسط ظلام كاحل..لترى بعدها حقيقة من تحب و حقيقة من كنت تكره..ومن سينتصر في النهاية..النور المليئ بالحب و الصداقة..أم الظلام المشبع بالكره و الخيانة..أو كليهما.. "أ...