الحادث

3.6K 77 19
                                    

فصل الشتاء قد حل،المطر لا يتوقف،والرعد والبرق يتناوبان كل ساعة،والبرد القارص يجعل الجسد ينكمش،والنار كانت الوسيلة الوحيدة للإحساس بالدفئ.
حل الصباح لكن دون شمس أو سماء زرقاء،فقط غيوم رمادية وسماء خالية من الطيور و زقزقاتها.
لم أتناول فطوري جيدا من شدة البرد،إتصل بي لونارد للخروج قليلا،لم أكن أريد الذهاب لكنه صديقي المفضل والوحيد لذلك وافقة.
أخذنا نذهب إلى مقهى وسط المدينة،حيث المكان ممتلئ في الداخل،الكل يبحث عن تدفئة،مع قليل من القهوة الساخنة.
وجدنا مقعدا فارغا إلى جانب المرحاض،لم يكن مكان للجلوس،فرائحة الكريهة تجعلني أشعر بالغثيان،لكن لا خيار أخر.
أخذنا قهوة مع حليب ساخن وبدأنا نتحدث،حيث قال لونارد:((اليوم مزاجه سيئ)).
أجبت وأنا أخذ رشفة من القهوة:((نعم..إنه فصل الشتاء)).
قال وهو يقترب نحوي:((هل تعلم تلك الفتاة..مولي..إنها هنا..إنظر ورائك..)).
عندما أدرت وجهي وجدتها جالسة رفقة صديقاتها.
قال لونارد وهو ينظر نحوهن:((إنهن جميلات ألا تظن ذلك)).
لم يكن يكذب،فواحدة منهن شعرها أصفر وذو ملامح فائقة الجمال،أما الثانية فكانت ذو قوام كعارضات الأزياء وشعرها بني يميل إلى العسلي والجميل فيها هو عيناها الزرقاوتان،فقد كانت تدرس معي في الإبتدائية.
جلسنا قليلا نتحدث عنهن بل بالأحرى لونارد،حتى بدأت أحس بالخجل بوجودي في مكان تواجدها هي أيضا،لأطلب من لونارد الرحيل.
أخذنا نتمشى تحت أسقاف المدينة والمطر يتوقف لحظة ثم يعود من جديد.
بعدها ذهب الكل إلى منزله،وجدت عائلتي قد حظرت الغذاء،كان يضم دجاج مع البطاطا المقلية ومشروبات غازية،تناولنا الغذاء في جو عائلي جميل.
وهكذا صعدت إلى غرفتي حتى الزوال،وبدأت أحس بالنعاس،لذلك قررت الخروج وطلبت من أبي أخذ السيارة،و وافق عن الأمر.
ركبت وشغلت التدفئة وأضفت للجو موسيقى هادئة،كان المطر قد عاد من جديد،لكنه لم يكن بالحدة السابقة.
وأنا أقود السيارة في الطريق السريع نحو محطة الوقود فقد بدأ الضوء الأصفر في الظهور،لم يفارق ذهني صورة مولي،فأنا أحبها بحق،كلما رأيتها أحس بالخجل وأريد محادثتها لكن لا أستطيع ذلك،أخذت أضحك لوحدي بهستيرية وأنا أنظر نحو مقود السيارة.
صوت مرتفع ومدوي كان ما سمعته قبل أن أرى الشاحنة المنزلقة والمتوجهة نحوي،لم أعد أعلم ردة الفعل التي يجب القيام بها،لذلك إكتفيت أن أدرت المقود بسرعة لتخرج السيارة عن الطريق وتنقلب لتسقط في الجهة المقابلة.
كانت أصوات سيارة الإسعاف ماأسمعه لحظتها عندما أفقت والمطر الذي يسقط على وجنتي،وكان صوت رجل الإسعاف أخر ما سمعته قبل أن أفقد الوعي،وهو"ستكون بخير".
مرت ما لم أعلم من الوقت وأنا غائب حتى إستيقظت لكن دون أن أرى نور أو ضوء،كان فقط صوت عائلتي وهم يحدتونني عندما أفقت،حيث قالت أمي أنه قد وضعوا ضمادة على عيناي،ليأتي بعدها الطبيب،لم ينتظر سؤالي،حيث قال لي عندما جلس نحوي،:((أنا أسف...لكن الأمر هو أنك لن تستطيع النظر من جديد...فقد فقدت نظرك بسبب الحادثة..أنا أسف...)).

أعمىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن