في طريق العودة

705 33 1
                                    

أخذ الجميع يدخل إلى الفندق بعدما إنتهت الأغنية التي قدمها ديريك و مولي رفقة المجموعة،كانت رائعة جدا...كما أحسست بالقليل من الفرح لكونها تتحدث عني مرة أخرى...دخلت إلى غرفتي في الفندق و أخذت أنام و مازال صوت مولي يتردد في رأسي..فقد كان ديريك و بيل و هاري من يشاركون الغرفة معي...أما مارس فقد كان في الغرفة المجاورة..إستلقيت و أنا أغلق عيناي محاولا إسترجاع كلمات الأغنية..حتى أخذني النوم...

وجدت نفسي واقفا في شارع وسط الليل الحالك..شارع الفراشات..المكان الذي بدأت فيه معاناتي..فجأة بدأ المطر في التساقط..و أنا أحاول أن أجد مكانا للإختباء..لكن لاشيئ..بدأت بعدها أشعر بالبرد يسري في عضامي..و إحساس الخوف يجمد قلبي..بعدها ظهر رجل وسط الظلام حتى وقف أمامي..رجل كبير في السن يرتدي بذلة بيضاء..لقد كان نفسه الذي رأيته سابقا في حلمي في المستشفى..لكن!!..هل أنا في حلم؟؟..قال الرجل بصوته الهشيش:((رغبتك في التغيير يجب أن تفوق رغبتك في البقاء كما أنت)).
قلت محاولا فهم معنى كلامه:((ماذا تقصد؟؟..)).
لكنه إختفى في لحظة كالغبار الذي تحمله الرياح..بعدها و دون سابق إنذار..سمعت صوت مدوي..لأرى شاحنة تنزلق نحو سيارة في الطريق..لقد كانت تلك سيارة أبي!!!..و أنا بداخلها!!!..صرخت بصوت مرتفع عندما إقتربت الشاحنة نحو السيارة:((لا!!!!!...)).
ليحدث إصطدام بينهما و تدور السيارة في السماء..لحظتها أحسست بنفسي أرتفع على الأرض و قدمي في الهواء...صار رأسي في الأسفل و قدمي في الأعلى..لقد إنقلبت مثل السيارة أيضا!!!...و أنا أدور في السماء رأيت مولي أمامي وهي تقول بصوتها اللطيف:((حين تخاف من الخسارة..فأنت في الغالب تخسر)).
وقامت بعناقي، لتسقط السيارة في الجهة الأخرى من الشارع..أمام شجرة خضراء ضخمة..لحظتها أيضا أحسست شيئا يجذبني لسقوط على الأرض..لأسمع صوت صراخ مدوي..كان صراخ ديريك وهو يقول:((لوك!!!..)).
لأستيقظ مسرعا و دقات قلبي تتسارع..و العرق بارد فوق جبيني..و دوى ألم حار في عيني اليسرى..كان صوت الجميع في الغرفة وهو يتحدث يدل على أن الوقت مبكر..قال ديريك وهو يمسك بيدي:((صباح الخير ديريك..لقد حان وقت الذهاب)).
إذن لقد عدت إلى الواقع..ولم يكن مارأيته إلى حلما...حلما غريبا...

توجه الجميع للخارج لتناول الفطور،كان الجو باردا،نسيم الصباح يجعل الجسم يشعر براحة غريبة،
كأنه يطير في الهواء..جلست بمساعدة ديريك في طاولة أظنها طويلة..فقد جلس معنا أيضا بيل،مارس،هاري،سارة،مولي،كريسي،فلاور و..بروك لي الذي إنضم إلينا بعد لحظة..قال ديريك عندما جلس أمامهم:((من أنت؟؟..)).
قالت كريسي قبل أن أجيب:((إنه بروك لي)).
ثم إبتسمت هي و فلاور..لكن كيف عرفت إسمه؟؟..قالت كريسي كأنها سمعت كلامي:((إنه يدرس معي في الفصل)).
قال بروك لي وهو غير مهتم بما قاله ديريك:((مرحبا لوك..كيف حالك؟؟..)).
أجبته بتوتر:((أنا بخير)).
ليقول ديريك:((هل تعرفه لوك؟؟..)).
أجبته:((نعم..لقد تحدثنا معا البارحة)).
ليقول بيل بعدها:((نعم..لقد رأيته معه..إنه لم يذهب لسباحة)).
و أتمنى ألا تسألوه لماذا...قالت كريسي:((هل أنت خائف من الماء؟؟!)).
وقد كانت تضحك بين الحين و الأخر...إنها تستفزه،أجابها:((نعم..تقريبا)).
قالت كريسي:((لقد كنت تتجنب رشات المياه من أصدقائك..لقد كنت مثل فتاة صغيرة)).
قال بصوت مليئ بالغضب:((إنك لاتضحكينني)).
قال ديريك بعدها:((لكنها على حق..لقد ذهب الجميع لسباحة..و الكل كان يقول نفس الشيئ مثلها..فلماذا جئت إذن إذا كنت لن تسبح)).
أرجوكم توقفوا..قالت كريسي:((فلتجب أيها الشجاع)).
قال بروك لي:((أريد سؤالك كريسي..لماذا في الفصل تتبعينني بعينيك أينما ذهبت ؟؟..)).
ضحكت مولي و فلاور..لكن كريسي ظلت صامتة..تحدث ديريك بعدها:((لم تجب بعد على سؤالي)).
ليجيبه بروك لي:((مثل لوك أيضا)).
أحسست بجو من التوتر في الجوار..قال ديريك بصوت مرتفع مليئ بالغضب:((كيف تجرأت على قول هذا أيها..)).
قاطعته:((توقف!!!..)).
ليصمت الجميع..لكن بروك لي تحدث:((لن أخبئ الأمر أكثر..هذا بسبب مرضي بسرطان غريب. يمنعني من السباحة تحت أشعة الشمس)).
لتمسك قبضة مؤلمة يدي..أطلقت أنة ألم..فقد كانت يد كريسي. فهي من تجلس بجانبي..لتذهب بعدها و فلاور تتبعها وهي تنادي عليها..قال ديريك وقد أحس بالندم:((أنا...أسف..حقا..أسف جدا..)).
ثم سمعت بروك لي يذهب بدوره..بقيت أنا و مولي بعدما ذهب ديريك رفقة مجموعته لتحضير لوازم ذهابهم..قلت بعد أن رحلوا جميعا:((مولي..ماذا حدث؟؟)).
لم تجب..أتممت بعدها:((لقد أمسكت كريسي بيدي بشدة..فقد ألمتني)).
قالت بعد أن تنهدت:((إن كريسي...معجبة ببروك لي)).
كيف!!!...كريسي معجبة..ب..بروك لي..لا يمكن..أتممت مولي:((وعندما..علمت بمرضه فقد أحست بالذنب..فقد كانت تتحدث معه بطريقة سيئة كما رأيت)).
قلت بعدها:((لكن..كيف هو شكل بروك لي..ها..فكريسي من الصعب أن تعجب بشخص ما)).
ضحكة مولي قبل أن تقول:((إنه شاب وسيم...يملك عينان خضروان..و شعره أشقر رطب..يرتدي قبعة ضخمة يخبئ فيه شعره..و ملامحه جميلة..إنه جميل مثل جمال فلاور..لكنه نحيف بعض الشيئ..هذا كل شيئ..)).
إذن هكذا الأمر..غريب..لتقول مولي وهي تقف من مكانها:((إذن..سأذهب لجمع ملابسي)).
وهكذا رحلت و بقيت لوحدي أنتظر مجيئ ديريك لنذهب..فقد كانت كثرة الأحداث جعلتني مصدوما من العديد من الأشخاص..و أكثرهم...كريسي...

صعد الجميع إلى الحافلة رقم 8 للعودة إلى منازلهم..جلست مولي بجانبي من جديد..و بقيت صامتا طوال الطريق و أنا أحاول النوم..حتى قالت مولي:((كيف حال بروك لي؟؟)).
أجبتها:((لم ألتقي به)).
قالت:((حسنا)).
بعدها سألتها:((و كريسي...كيف حالها؟؟..)).
أجابت بعد صمت:((مازالت حزينة...لقد تلقت صدمة..إنها معجبة به كثيرا..)).
مسكينة كريسي..لم أكن أعلم أن الحب مؤلم إلى هذه الدرجة...أخذت أضع رأسي على النافذة محاولا الهدوء..بعدها تشجعت..و سألت مولي:((هل أنت معجبة بشخص ما؟؟..)).
تبا!!!...ماذا قلت!!!...حدث صمت مخيف قبل أن تقول:((لا..لا ليس بعد)).
قلت:((لكن..برادلي فينون..)).
قالت بتوتر:((لا..تلك مجرد إشاعات)).
فقد سمعت بعض الطلاب سابقا يتحدثون أنها تواعد برادلي فينون..وهو لاعب كرة مدرسي..لكنه وسيم و صاحب نفوذ كبير بين الفتيات..لتقول بدورها:((أما أنت..هل لديك فتاة تعجبك..)).
لم أكن أريد الحديث عن هذا..لكن أنا من بدأ..لذلك أجبت:((نعم..أنا معجب بفتاة جميلة..لكنها لاتعلم ذلك..فكلما أراها أشعر بالخجل و الخوف من الحديث معها..فقط..حب ماوراء الستار..ها..من طرف واحد..)).
بعدها صمت كلينا و لم يتحدث..و طوال الطريق أخذت أفكر في الحلم الذي رأيته..فتلك الحادثة لم تكن بالظبط ماحدث..فلم أصطدم بالشاحنة في الحقيقة سابقا..فقط أخذت أهرب منها عندما إنزلقت لأسقط في الجهة الأخرى وأصاب على مستوى الرأس..حتى أن سيارة أبي لم تتحطم كليا..فقد قام صاحب الشاحنة بتكلف بإصلاحها و انا غائب في المستشفى...ومن هو ذلك الرجل المسن الذي رأيته..لم أعد أفهم مايحدث...

و أخيرا وصلنا...ساعدني ديريك على النزول..و أخذت أجلس فوق كرسي بإنتظار أبي ليأخذني..ودعت ديريك و المجموعة و كذلك مولي و فلاور...أما كريسي فقد ذهبت مسرعة....جلست أنتظر و أنا أسمع الأباء يأخذون أولادهم...هل نسيت أمي أن تخبر أبي بإحضاري؟؟..بعد لحظة بدأ هاتفي يرن..أخذت الهاتف و أجبت...كانت أمي:((مرحبا لوك)).
أجبت و أنا أسمع الضجيج على الهاتف:((مرحبا..أين أنتي؟؟..)).
قالت بصوت مرتفع:((نحن في السوق المركزي...إحترس أيها الغريب!!!....توماس!!..أسف لوك سوف نتأخر فلتجد من يوقف لك سيارة أجرة...توماس!!!...)).
كانت أمي تنادي على أبي بصوت مرتفع..إذن من سيرافقني..لقد ذهب ديريك..لكن فجأة سمعت شخصا يتحدث معي:((هل تنتظر أحدا؟؟..)).
قلت بتوتر:((لا..)).
لقد كان بروك لي..قال:((إذن فلنذهب معا)).
قلت:((حسنا)).
بعدها أخذنا نتحرك نحو شارع دريف بيست،وفي الطريق حاولت الحديث معه..لكن لا فكرة لدي..هل أسأله حول كريسي؟؟..لكنها فكرة سيئة..لذلك قلت له بعد تفكير:((إذن متى إكتشفت إصابتك بهذا السرطان؟؟..)).
سؤال غبي..أجابني:((لقد عرفت بالأمر عندما كنت صغيرا..في سن الرابعة..فقد قال الأطباء أنه قد ظهر جزء طفيف منه منذ ولادتي..لكنه تطور مع مرور الزمن..حتى أنه لايوجد حل له..)).
قلت له:((إذن...ماهو إحساسك الأن؟؟..)).
أجاب بعد صمت:((لقد كان صعبا في البداية..لكن مع مرور الوقت بدأت أعتاد على الأمر..فمهما كانت الحياة مغطاة بالسواد...دائما مايوجد ثقب لدخول النور و الضحك و الأمل..و كذلك الأصدقاء..و أيضا نستطيع من خلاله أن نرى الوجه الأخر للحياة..الجانب الرائع و المدهش منها..)).
نعم..إنه على حق..بروك لي..أتعلم..أنت أقوى مني..وهكذا وصلنا أمام المنزل..قال بروك لي:((يمكنك أن تأتي للمنزل غدا)).
قلت له بأسف:((أسف..لكن غدا لدي موعد مع معلمة القراءة...سأتي بعد غد)).
قال:((حسنا..إلى اللقاء)).
قلت:((وداعا)).
ثم دخلت للمنزل و جلست بإنتظار قدوم أبي و أمي لتناول الغذاء...

أعمىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن