بعد مرور ثمانية سنوات
إستيقظت على أصوات الضحك و الصراخ اللطيف...و خيوط الصباح تتخلل إلى النافذة..ماجعلت فتح عيناي في غاية الصعوبة...أحسست بنفسي أتحرك من أسفل إلى أعلى..وصوت صرير السرير يدندن داخل رأسي..بسرعة الرياح أمسكت الظل الصغير من فوقي و أخذته إلى جانبي...ضحكت و قالت:((صباح الخير أبي)).
أجبتها و النعاس مازال يتملكني:((مرحبا أيتها الشقية)).
بعدها سقط الظل الثاني أمامي قائلا:((هيا يا أبي أريد لعب الكرة)).
أجبته بكسالة:((ليس بعد أن أستيقظ كليا)).
ضحكت ميرتيل بصوت عالي وهي تقول:((لقد أخبرتك أنه لن يوافق)).
كانت أشعة الشمس قد جعلت شعرها عسلي اللون..و عيناها بالبني الفاتح..تبتسم حتى تتورد وجنتاها..مولي صغيرة بجانبي...كانت أمها من إقترحت إسم ميرتيل..الأمر الذي وافقت عليه بسهولة..أما الشقي الأكبر منها..أنا من سميته..بروك لي..من أجمل و أحب الأسماء لدي...لديه ملامح عائلتي..شعره الكستنائي مثل أمي..و عيناه السودوان مثل أبي..وشقاوة مايكي..و هدوءي..حملتهم بكلتى يداي و وضعتهم أرضا..قلت:((لقد صرت ثقيلا جدا لي)).
أجابت ميرتيل:((إنه لايتوقف عن تناول الحلويات)).
أجابها بغضب:((توقفي عن قول كل شيئ)).
أجابته:((سوف تصير بدينا مثل صديقك براد)).
عندما أحست بغضبه يشتعل..هربت وهو يتبعها..إبتسمت لمرأهما..ثم أخذت أغسل وجهي و أسناني..إرتديت ملابس العمل و سرحت شعري الذي صار قصيرا بعد مرور الزمن..و نزلت إلى أسفل لتناول الفطور رفقة عائلتي الصغيرة...أفعمت روائح اللحم المقدد و الخبز المحمص بالزبدة أنفي..و كلما نزلت السلالم صارت رائحة القهوة أكثر قسوة...وجدت مولي تحضر البيض رفقة اللحم المقدد في مقلاة كبيرة..عندما ناديت عليها أدارت رأسها و العرق على جبينها..لتلتصق خصلات من شعرها على جبينها..توردت وجنتاها من شدة البخار المنبعث من الفرن..قالت وهي تزيل المقلاة على الفرن:((سيبرد الفطور)).
سمعت صوت ضحكات ميرتيل و بروك لي..إلى جانبهم صوت أخر يقول:((وهكذا سقط الطفل في حوض الشوكولا)).
وجدتها جالسة ممسكتا سكينا تخيف به الطفلين..قلت وأنا أتجه إلى مكاني:((متى جئت إلى هنا)).
أجابت بإستهزاء:((أه لقد إستيقظت السلحفاة من نومها العميق)).
ليضحك بروك لي..بينما أحست ميرتيل بالخجل..أجبت و أنا أجلس:((لم تتغيري أبدا)).
أجابت كريسي وهي تعض في قطعة لحم مقدد:((نعم هذه أنا)).
شعرها صار قصيرا..أعطاها شكلا جذابا..إرتدت سترة سوداء يلائم شعرها..و صبغت أظافرها باللون الأسود..فعالم الروك هذا مخيف..قلت و أنا أحتسي كوب قهوة:((كيف حال جولتك الموسيقية)).
أجابت:((الشهر القادم سنذهب إلى اليابان..هذا كل شيئ)).
جلست مولي واضعتا صحنها أمامها ثم شرعت في الأكل..قلت و أنا أقطع اللحم إلى أشكال صغيرة:((كيف حال صديقك السري)).
إستحال وجهها إلى اللون الأحمر و أنا أبتسم إليها بخبث..قالت وهي توجه كلامها لمولي:((هل أخبرته!!)).
أجابت مولي وهي تحاول إطعام قطعة خردل مخلل لميرتيل:((أسفة لقد أخبرته دون وعي مني)).
قالت بغيظ:((كيف...تبا!!)).
ليقول بروك لي بصوت مرتفع:((تبا)).
قالت مولي:((بروك لي!!..هذا قول سيئ)).
لتقول كريسي مستسلمة:((حسنا إنه بخير..بدأنا نتواعد..لكن ليس الأمر بالشيئ الكبير..)).
أجبتها:((هل هو مخيف الشكل مثل مغني الروك...شعر أسود طويل..طلاء أظافر..سراويل تظهر مؤخرته الصغيرة..)).
قالت كريسي بإمتعاض:((لا!!!...إنه وسيم جدا..وشعره مائل إلى الأحمر..مثل شعر والدتك)).
إبتسمت لها..كنت مستعدا كي ألقي قنبلة عليها..لكن مولي قاطعتني:((سوف تتأخر عن العمل..ويجب أن توصل الولدان إلى جدتهم)).
لقد نسيت العمل...
أخذت ماتبقى من الفطور معي..ثم إرتديت معطفي الأسود و تركت قبلة على وجنتي مولي..قلت قبل أن أخرج الولدان:((أنا متحمس لرؤية صديقك الغريب هذا كريسي)).
ثم أغلقت الباب دون أن أسمع منها الجواب..لكن كلمة أحمق قد إخترقت سمعي داخل السيارة...
أنت تقرأ
أعمى
Romanceكم هو صعب أن تكون شخصا عاديا يستمتع بحياته و شبابه..و في لحظة يختفي كل شيئ و تجد نفسك وسط ظلام كاحل..لترى بعدها حقيقة من تحب و حقيقة من كنت تكره..ومن سينتصر في النهاية..النور المليئ بالحب و الصداقة..أم الظلام المشبع بالكره و الخيانة..أو كليهما.. "أ...