((لن أكون خادمته))....لم أستطع نسيان هذه الكلمات مهما حاولت ذلك،خاصتا أنها خرجت من أعماق قلب صديقي المفضل،لكنه لن يعود كذلك بعد الأن،فقد قررت مواجهته و التخلي عنه..رغم أن الفكرة مؤلمة جدا...إتخذ أبي قرار عدم ذهابي للمدرسة،و قد أخبرني أنه سيحضر لي من يدرسني في المنزل،أبجدية برايل،أظنه سيكون صعبا جدا.
في صباح اليوم التالي،جائت إمرأة إلى المنزل،وقد كان ظاهرا من صوتها أنها إمرأة مسنة،سمعت أمي تتحدث معها في المطبخ،بعدها قامت بمناداتي،أسرعت نحوها،وقالت لي عندما دخلت:((لوك..أقدم لك السيدة ميرتيل)).
أجبت و أنا لا أرى وجه السيدة أبدا:((مرحبا..كيف أساعدك؟؟)).
أجابت أمي:((إنها..سوف..)).
لتقاطعها السيدة:((أنا سأتحدث معه..)).
أتممت بعدها:((أنا هي معلمتك الجديدة)).
معلمة؟؟..لكن كيف لها أن تكون كذلك؟؟..قلت و أنا أتوتر:((لكن..لم أفهم بعد..)).
كنت غبي لحظتها،لقد علمت لماذا جائت،لكن لاأريد هذا،قالت السيدة العجوز:((سوف أساعدك على تعلم أبجدية برايل،وهي ستساعدك على القراءة،سيكون صعبا،لكن فقط بعض التحمل و ستنجح..إضافتا إلى أنني سأساعدك أيضا على الإعتماد على نفسك)).
فهمت كل ماقالته....إلى هذا الجزء الأخير:((لم أفهم؟؟..ماذا تقصدين بتعليمي على الإعتماد على نفسي؟؟..)).
لتقول أمي وهي متوترة أيضا:((تقصد..أن تستطيع إستعمال العصا دون أن تسقط أو تتعثر..وكذلك ممارسة بعض الألعاب الرياضية..ستعتمد على نفسك أكثر..)).
لم أستطع تقبل هذه الفكرة،لست أحمقا أو غبيا،أنا قادر على فعل كل شيئ لوحدي،لكن إتضح خطئي عندما أردت الذهاب و إصطدمت بالباب و سقطت،سمعت العجوز تقول:((سنبدأ اليوم)).
قالت أمي:((كيف..لكن..ألم تقولي غدا؟؟..)).
وقفت من الأرض مسرعا:((لا!!!...لا أريد هذا!!!..)).
أسرعت محاولا الهرب،لكنني تعثرت من جديد،سمعت العجوز تغلق باب المطبخ المتحرك و أمي تقول ورائه:((إنتظري!!..ميرتيل!!...)).
قالت العجوز:((إذن أول درس هو المواجهة)).
وقفت من الأرض غاضبا،قلت لها:((المواجهة؟؟..هل تريدين ضربي؟؟..)).
سمعت إبتسامتها المكتومة،لكنها وجهت لي ضربة بعصاها،قلت وأنا أتألم في يدي:((ماذا تفعلين؟؟..)).
قالت:((واجه العصى)).
ثم وجهت ضربة أخرى في رجلي اليمنى،قلت بغضب:((توقفي!!...أنا لا أرى أي شيئ..)).
قالت:((أعلم هذا..)).
ثم بدأت توجه لي ضربات في كل مكان بعصاها،حتى جثوت على ركبتي و أنا متعب و أتألم أيضا..ماخطب هذه العجوز؟؟...قالت:((لقد فشلت في صد ضرباتي،وهذه هي القاعدة الأولى)).
قلت و أنا أحبس غضبي:((لقد جئت لتدريسي القراءة و ليس ضربي)).
و قالت وقد وجهة لي ضربة أخرى،لكن..تجنبتها:((هل رأيت)).
لم أعلم للحظة كيف فعلتها،لقد كان فقط صوت العصا وهي تمر في الجو:((لقد كان الصوت..)).
قالت العجوز:((نعم..إنه كذلك..لكنك لم تنجح رغم ذلك)).
وقفت بتثاقل:((لا أهتم لرأيك..)).
لتوجه لي ضربة أخرى لرأسي،أطلقت بغضب:((تبا لك!!!...إتركيني و شأني..)).
ثم صعدت الدرج بغضب و أنا أسقط كل مرة،دخلت غرفتي و أغلقت على نفسي ثم سقطت فوق سريري،لتدخل العجوز مرة أخرى،لم أستطع تحمل الأمر:((سوف أخبر أبي أن يطردك..)).
لكنها لم تجب..لتقول بعدها:((واجهني)).
لقد سقط عقل هذه العجوز،إنها مجنونة،قالت من جديد:((لوك..واجهني)).
لا أستطيع تحمل صوتها،قلت:((فلتصمتي!!!..)).
لكنها قالت:((...واجهني...)).
أنت أخر همي،أنفست عن غضبي:((أنت أخر من أهتم به الأن..إتركيني لوحدي..لا أستطيع أن أتحمل هذا..أنا أريد شخصا يعلمني القراءة..لا أريد أن أصير كئيبا في هذه الغرفة..أريد شيئ أفعله..فقد تركني صديق غالي لدي..نعت نفسه بخادمتي..صرت وحيدا..وحيدا جدا..عبئا على عائلتي..لذلك..أنا أستطيع الإعتماد على نفسي..لكن القراءة..لا أستطيع تعلمها بنفسي..فالكتب هي من ستنقذني في وحدتي هذه..هناك أستطيع إختيار أي عالم أريده..و أتخيله لوحدي كما أريد..)).
لم أصدق أنني قلت هذا كله،لكن العجوز قالت:((تبا لهذا الصديق)).
كيف!!!...أتممت:((نعم مثلما سمعت..تبا له..أظنك الأن واجهتني)).
قلت:((كيف؟؟..)).
قالت:((الهدف من هذه الخطوة ليست تجنب الضربات،بل أن تخرج مابداخلك و تواجه نفسك..لذلك قمت بإستفزازك بالضرب..فمواجهة نفسك أولا و تقبل حالتك هي أولى خطوات النجاح...لذلك فقد إجتزت هذه المرحلة..فل نلتقي غدا لنبدأ بالتدرب على الإتجاهات بعصاك..)).
قلت لها:((أما القراءة؟؟..)).
لكنها لم تجب..فقد ذهبت...
أنت تقرأ
أعمى
Romanceكم هو صعب أن تكون شخصا عاديا يستمتع بحياته و شبابه..و في لحظة يختفي كل شيئ و تجد نفسك وسط ظلام كاحل..لترى بعدها حقيقة من تحب و حقيقة من كنت تكره..ومن سينتصر في النهاية..النور المليئ بالحب و الصداقة..أم الظلام المشبع بالكره و الخيانة..أو كليهما.. "أ...