تهور

480 24 4
                                    

يوم سيئ كباقي الأيام..رغم إعتدال الجو و زقزقة العصافير..لم أعد أستمتع بيومي..منذ إفتراقي مع ديريك..لم أكن أتوقع أن يؤول الأمر إلى هذه الدرجة..بدأت أحس بالوحدة..فقط حمدا لله لتواجد بروك لي بجانبي..فقد إتضح بعد أن حاولت مرار و تكرار نسيانه أنني لا أستطيع..لم يكن سهل النسيان مثل لونارد..كان صعبا جدا..لقد أحببته من كل صميم قلبي..لكنه خان ثقتي به و حبي له..أخذت أتناول الفطور رفقة أمي..فقد ذهب أبي للعمل باكرا اليوم..أمي..بدأت تقلقني كثيرا..لا تتوقف عن التحدث في الهاتف طوال اليوم..نهارا و ليلا..و بصوت منخفض..كلما سألتها تقول لاشيئ..أو أنني أهلوس ليلا..لكن الأمر ليس كذلك..إشتقت أيضا إلى أخي الصغير مايكي..كان تواجده في البيت هبة..قفزاته..صرخاته..و إبتسامته المشاكسة كانت تملئ المنزل بنوع من السرور..بعد أن أكلت قلت لأمي و أنا أخذ عصاي:((إنني ذاهب لزيارة بروك لي في منزله)).
قالت:((حسنا إلى اللقاء)).
أخذت أتحرك نحو منزله..و الذي يقبع أمام منزلي..فقط شارع دريف بيست هو الذي يفرق بيننا..ضغطت على جرس المنزل..و الشبيه بصوت البيانوا..لتفتح لي فتاة صغيرة..مازلت أذكر صوتها الجميل...لقد كانت ليا..وهي من فتحت الباب في أول يوم أتيت إلى منزله..

عند دخولي سمعت أصوات ضحكات عائلة نوكلمان تملئ المكان..قالت ليا:((لقد جاء أخي الكبير دانيال)).
إنه أخ بروك لي الأكبر..وهو يدرس بفرنسا..قالت ليا وهي تمسك يدي:((هيا إنهم جميعا في الحديقة)).
خرجت رفقة ليا إلى حديقة  المنزل حيث يوجد الجميع..قال بروك لي بمرح عندما دخلت:((أووه إنه لوك..تفضل ياصديقي)).
قلت بتوتر:((شكرا لك)).
لأسمع وقع أقدام شخص ما و صوت الربيع أسفل قدميه يطلق صوت فرقعة..قال بروك لي عندما أحسست بإقتراب الشخص:((هذا أخي دانيال)).
قال دانيال وهو يتصافح معي بالوجه:((مرحبا لوك..أنا دانيال..تشرفت بمعرفتك..)).
قلت بتعلثم:((أنا..أيضا)).
لقد أحسست بشعره الناعم وهو يلمس وجهي..هل يملك..لكن بروك لي قاطع تساؤلي عندما قال:((أعلم ذلك..لديه شعر طويل)).
قال دانيال:((نعم شعر طويل ناعم أكثر من خاصتك)).
قال بروك لي بضجر:((لكنه لايظهرني كأنني فتاة في الوراء)).
قلت لبروك لي:((هل شعرك أيضا طويل؟؟)).
قال بروك لي:((ليس كثيرا..يظهر كأنه منفوش بعض الشيئ..لكنه رطب و ناعم..و دائما ماأغطيه بقبعة رطبة..كي لايبهر به الناس)).
ليمسك يدي ويضعه فوق رأسه،قال لي:((هل رأيت!!)).
حقا..لقد كان ناعما و رطبا..أظن أن شعره جميل و رائع جدا..قلت له:((نعم إنه كذلك)).
ليتحدث السيد ألبرت نوكلمان بصوت مرتفع:((هيا لتناول الشوكولا التي أحضرها دانيال)).
توجهت رفقة بروك لي إلى مكان جلوسهم..و أعطاني كرسي ثم جلست..قالت السيدة نوكلمان:((أسفة لوك عن صراع الفتيان حول صاحب أجمل شعر أمامك)).
قلت مبتسما:((لا..لابأس)).
بعدها قدم لي بروك لي الشوكولا و بدأت في تذوق كل قطعة لوحدها..كانت جميعها لذيذة جدا..خاصة قطعة الشوكولا الأسود..و قطعة الشوكولا المحشو برقائق الكورنفليكس..دون ذكر الشوكولا الممزوج بأوريو..سمعت التوأم باكي و بيكي يقولان:((لقد إلتهم علبة بأكملها لوحده)).
((أظنه سيملئ المرحاض بأكمله اليوم)).
لقد كانوا يستهزئون عن بوب..الولد البدين..قال بصوته الغليظ:((إصمتا..أنتما مثل حباتا فاصوليا معفنة)).
ليضحك الجميع في جو من السرور و الفرح..فقد غمرني للحظة قبل أن يقول لي بروك لي:((لوك..رافقني إلى الخارج)).

كنت متوترا بعض الشيئ و نحن نتوجه إلى خارج المنزل..لم أتفوه بأي شيئ...عندما وصلنا إلى الخارج قال لي:((حسنا..لاتغضب مني حسنا..)).
قلت و التوتر يزداد داخلي:((لماذا؟؟..ماذا يحدث؟؟..)).
ليقول صوت غريب:((مرحبا لوك)).
إنه...إنه ديريك..قلت بغضب:((بروك لي ماذا..)).
قاطعني ديريك:((سأرحل الأن..فقط أريد إخبارك بشيئ)).
قلت بغضب جامح:((لا أريد..)).
قال ديريك متجاهلا ماقلت:((الكلام الذي سمعته لم يكن موجها إليك..)).
قلت بصوت مرتفع:((نفس الكلام كل يوم..)).
قاطعني:((لقد كنت أتحدث عن برادلي فينون..)).
صمتت...إنقطع الصوت و هربت الكلمات..هل حقا مايقوله؟؟..أم مجرد خداع من جديد؟؟..
أتمم:((لقد كنت أتحدث مع مجموعتي عنه..لقد كان أعمى حقا في الملعب..لقد كان يجري كالأحمق و حتى أنه  قد كسر ذراعه..و قد قلت أني لا أحبه لأنه كان من الضروري تكوين جو من الصداقة بين الفريق..لكنني لا أحبه..لأنني أملك أصدقاء رائعين..لم أعلم من سجل المحادثة للونارد لكنني سأعرف قريبا..)).
لم أستطع أن أجبه..صدمت للحظة..وقفت دون حراك..قال ديريك:((يوم الخميس في مطعم "الأخوان" حيث سأقدم العرض الموسيقي..لو كنت تريد معرفة الفاعل..فلتأتي بعد إنتهاء العرض..)).
ثم رحل...لم أستطع التكلم معه..قلت لبروك لي:((لماذا أحضرته..)).
قال:((لقد أخبرني كل شيئ..وقد رأيت المبارة..وكان محقا بشأن برادلي فينون..)).
قلت بحزن:((حسنا إذن..)).
ثم ذهبت راجعا نحو منزلي...

في الزوال ذهبت رفقة أمي للمستشفى لزيارة ميرتيل..بعد أن رأتها أمي خرجت رفقة أخت ميرتيل..وبقيت في الغرفة لوحدي معها..قالت بعد أن أغلق الباب:((ماذا حدث؟؟...أراك حزين..)).
قلت:((لقد حدث خصام بيني مع ديريك كما أخبرتك سابقا...و اليوم تحدث معي..لقد كان يتحدث عن شخص أخر..وشخص ما قام بتسجيل صوته لكي يبدوا أنه كان يتحدث عني..لقد كنت متهورا..و نعته بالخائن..)).
لم أستطع إنهاء كلامي..قالت العجوز:((عزيزي سيكون كل شيئ بخير..فإنه مازال صديقك..وهو يحبك..)).
بدأت الدموع تسقط من عيني..وبدأت في البكاء:((لا أظنه يحبني بعد ماقلته في وجهه..لقد أخبرني أن أتي بعد إنتهاء العرض كي يخبرني بالفاعل..لم يرد أن أشاهد غنائه..)).
قالت وهي تمسك يدي:((إذن فلتذهب من أجل صديقتك)).
مولي..لقد نسيت أمرها هي أيضا ستغني مع ديريك..ولن أجلس في المنزل دون سماع صوتها مرة أخرى وهي تغني..قالت العجوز:((لكن..رغم ذلك بعد أن تعرف الفاعل إطلب السماح من ديريك..فهو شخص جيد..)).
نعم..سأحاول..وقفت عندما دخلت أمي كي نعود للمنزل..قلت و أنا أقبل يد العجوز الدافئة:((فلتتعافي بسرعة فلدي صديق أخر أحبه أريدك أن تريه)).
قالت بعد أن أطلقت ضحكة قصيرة:((بروك لي)).
قلت مبتسما:((نعم هو)).
ثم رحلت بعدها..و مازلت نادما عن تهوري..وسأحاول أن أعيد كل شيئ إلى مكانه الطبيعي...

أعمىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن