البارت الثالث والعشرون

434 12 9
                                    

تلاحظ وتين غياب ساهر منذ ما يقرب من الثلاثة أيام لتسأل صديقه الذي يبدو عليه الحزن عن سبب غيابه ليرد بألم يغطي نبرات صوته
- أخو ساهر من ضمن اللي ماتوا في التفجير الأخير... وحالة البيت كله وحشه جدا... مامته لسه في المستشفي ومراته إنما ساهر بيحاول يقوم بس مش قادر الصدمة كانت شديدة عليه
تدمع عيون وتين لتلك الكلمات... نعم إنها فقط كلمات وتسبب تلك الألم، فماذا عن الذي يعيشون في الصدمة نفسها

تقوم وتين بجمع عدد من زملائها بالإضافة إلي تيم أخيها لتقوم بزيارة ساهر بالمستشفي لتتفاجأ به وبهيأته لتشعر أنه شخص آخر بعيون ذابلة تملؤها الهالات السوداء وذقن غير مهذبة وشعر مشعث يتحدث الجميع إليه ليكتفي هو بإيماءة برأسه دون رد
تسأله وتين عن والدته لتعلم أنها بالرعاية المركزة نتيجة إرتفاع ضغط الدم وأما عن زوجة أخيه فهى في الغرفة المجاورة لتدهور حالتها الصحية التي ذاد منها أمر حملها
تشعر وتين بالعجز أمام تلك الحالة التي تلك العائلة عليها لا تجد سوى الكلمات فقط التي لا تخفف من تلك المأساة ولن تغير واقع بل إنها كلمات داعمة فقط

تدلف إلي غرفة نور لتجدها ممدده علي فراش المستشفي تنظر للسقف دون تعبير علي وجهها يدها اليمنى موصلة بالمحاليل أما يدها اليسرى موضوعه علي بطنها كأنها تستمد القوة من جنينها

تقترب منها وتين في توتر لا تعلم ماذا تفعل أمام حالتها تلك لتشعر أن جميع الكلمات هربت منها لتحل محلها الدموع

تقرب وتين المقعد من سريرها وتقوم بإحتضان كفها والتربيت عليه بحنان
تتطلع لها نور بعيون منتفخة لتردد بصوت ضعيف حزين
-ليه يا وتين عملوا فيه كده... ليه حرمونى منه... عمره ما عملهم حاجة ولا أزاهم... أنا إستنيته عمرى كله مستنية يجمعنا بيت واحد ولما إتحقق حلمنها حرموني منه... مش بس أنا دول حرموا كمان إبنه منه... ليه يا وتين عملهم إيه.... دا كان طالع يحميهم... كان بيسيبنا بالأسابيع عشان يحمي البلد من أى خطر علي الحدود... وفي النهاية ولاد البلد اللي يقتلوه ويحرمونى منه

تنهار نور باكية وهي تردد من بين شهقاتها
- أنا عاوزة أحمد يا وتين.... عاوزة حبيبي..... أحمد يا أحمد
تنهار وتين معها باكية تحاول تهدؤتها ولكنها تفشل في تهدئتها ليخل الفريق الطبي علي الفور وإعطائها حقنة مهدئة لتغط إثرها في نوم عميق لتظل دموعها منهمرة حتي في نومها

******************
تمضي ثلاثة أيام علي ذلك اللقاء الأخير بين سيليا ونادر لتنجح سيليا في الهروب من لقائه كعادتها ليشعر هو بتأنيب ضميره خاصة أنها لم تقص ما حدث لخالتها
لترتدى دور الصمت والبرود مما يزيد ألمه

لم تقصر سيليا في دورها لتعد له الطعام وتنظف المنزل وتغسل ملابسه ولكنه لا يلتقي بها ليشتاق إلي سيليا صديقته وكاتمة أسراره... إشتاق إلي الحديث معها ومشاغبتها ليشعر بالضيق لجرحها ذلك

رحلة مع الأيام حيث تعيش القصص. اكتشف الآن