الثاني : ضجيج خافِت

55 5 2
                                    

وانا الذي عاشَ سبعون فكراً من الحيرة
اجول الاماكن بضياع لامرسى لي ولاسفينة

-
اعاد خصلات شعره الطويلة للخلف مبتسمًا وتنهد تباعًا لراحته فذلك اللون الاشقر الذي لايطيقه والذي كان يملأ خصلات شعره يوشك على الاختفاء اخيرا
كان لون مؤقت اثر خسارته لتحدي ما
رفقة تلك التي تجلس امامه تعبث بهاتفها بإبتسامه لعوبة
ارتشف من كوبه مجددًا و نطق بغته : برأيك كم صار عمر هيبي؟
نظرت اليه صاحبة العينين الناعسه وقالت تعيد هاتفها الى الطاولة امامهم : لا اعلم ! لربما قد صار في الخمسين من عمره تعلم انه مسن فاشل
اعتدل في جلسته وقال بينما يضحك ساخرًا منها: هيا بحقك ساشا ! توقفي عن ذلك انت تقولين عمن
هم اكبر منك مسنيين والاصغر منك اطفال ماذا تريدين انت تتنمرين على الجميع !
نظرت اليه بخبث وقالت :ماذا ايها الصغير المدلل هل يغضبك اني الاكبر ؟اسفه لكنني لست لطيفه وعليك احترام كوني الاكبر ليمان
عبس وابدا اعتراضه
قال بعد ذلك بحنين يتسرب من احرفه العطشه : وهل يدرس في الجامعه مثلنا؟ اتساءل ان اكمل تعليمه كان يريد ان يصبح شيء عظيم .. هل تُراه أصبح؟
تلاشت ابتسامتها دون اجابه واضحه لكن لاح الكرب حولها فأظهر مامدى وجعها داخل تلك الاضلع المنكسره
نفى برأسه بيأس وتابع مجيبًا على تساؤله المتلاشي: ان فعل لوجودناه بحثنا في كل مكان وكل شيء لم نجده ابدًا اختفى تمامًا قال سيدرس لكن لم يأت ابدا ..ذهب ولم يأت ..
مسحت على وجهها واليأس قد خط معالم وجهها : ليت عمي كان اكثر نضجًا ولم يفعل كل ذلك .. ليتنا اوقفناه .. ليتنا فعلنا شيئا يذكر ليم
نظر اليها ببؤس ثم مدت يده يمسك يدها : لابأس .. سنلتقيه ساشا !
ثم سرح في مخيلته بعيدًا
بعد ان ذهب هيبي لم يهدئ شيء
بل لم يتحسن الامر حتى ! تغير كل شيء
بدايةً بالكاد احادث اخي فأنا لا هاتف لي ولا وسيلة تواصل يمنع استخدام هاتف المنزل منعًا باتًا !
وامي تسمح لي في اوقات غياب ابي والذي لايغادر البته ! فتواصلي مع اخي قليل جدا ثم تزايد المرض على العم كريس ككل مره و بدأ يسوء هذي المرة اكثر ولا يستطيع ان يتحمل اكثر فهو مصاب بورم خبيث وقد كان مريضًا لكن اشتد به وفتك جسده المرض
ولأن عمي كان السبب بسفر هيبي والدي رفض التحدث اليه والبقاء معه لذا كان عمي متألمًا ان اخيه لازال انانيًا حتى في هذه الحالات ينتمي لكبرياءه ويرفض كسر غروره فأنتهى به الحال هذه المره انكسارًا لقلبه لا لغروره فحسب فبعد وقت قصير وبشكل مفاجئ قد توفي عمي وصدمت بذلك زوجته السيدة كايا والتي لم نرها منذ يوم الجنازه وابي كذلك تألم لموت اخيه واصبح هادئًا لا يتحدث .. مما جعله يتوقف عن ايذائي لفترة وانعزل عن الجميع
الحياة ليست هادئة كما لم تكن
العاديه التي لا اعيشها تلاشت
اختفى اخي هو الاخر بعد وفاة عمي بعدة ايام ولم يعد يجيب وفقدنا اثره .. لأعوام ولم نلمحه في اي زاوية جلت البلاد بأسرها باحثا عن طرف اخي ولم اجد حتى رفاته
كل شي توالى علي حتى خلت انني سأجن
انها حياة غريبه بالكامل
اشعر احيانًا
انني تُركت في ذلك اليوم !
اخي يخاف علي ان اتاذى ويوصيني ان ان اهرب
والان اختفى هو وانا بخير تماما !
تناقض .. لست اسعد بكوني بخير واخي ليس بخير الان هذا ما يؤذيني ! ..
اليوم الذي سافر به هيبي تُركت به منذ ذلك الحين
ولم اعد لذاتي او لحياتي
الحياة اضحت غريبه وكل شيء يدعو للريبه
لا اعلم ماكل ذلك الوجع .. ولما لا زلت اقف؟
لم انهار ولم ابك جيدًا انا صامد اشعر انني لا احزن جيدا
افكر احيانا اانا استحق ذلك الالم لضعفي؟ لماذا كل ذلك الوهن والكسر؟ ولماذا اعاني من كل ذلك الفقد مرارا؟
شدت على يده .. فنظر اليها ليجدها تتأمله بعين مهتمه
بعد ان اضحى الحزن ابلغ من البكاء ، نثر الانكسار عنه وارتدى رداء الصلابه المزيفه وقال بإبتسامه تمردت منه بعد ان تفحص هاتفه: سأذهب لموعد والدتي
قابلته بإبتسامة لطيفه ايضا :وهل ستتأخر؟
نظر الى ساعته مجددا ثم الى صاحبة الشعر البني الطويل وقال : لا اظن ذلك نصف ساعه.. ساعه ربما
نظرت اليه اومأت مستقيمه هي الاخرى : سنجتمع رفقة ديانا والاخرون لاتنسَ !
: حسنا سأحاول لدى امي موعد في المشفى وعلي مرافقتها لن تطيل و ستتحدث الى الطبيبه ايضا ولكن المشفى بعيد بعض الشيء تعلمين واعاني من عناد امي ترفض العلاجات ولاتريد سوى غائب لايعود
نظرت اليه تمد شفتيها بلطف : اود الذهاب اليها لكنها لاتذكرني وذلك يحزنني !
نفت براسها تغير مسار الحديث : اتعلم؟ تشاجرت رفقة نايل ولا اريد رؤية وجهه القبيح لذا سأذهب للمكتبة
ليمان امال رأسه بتفكير مطول: هل اذهب لتحطيم رأسه؟
امالت رأسها ايضا : مارأيك بسيارته؟ ايمكنك تخيل انه يريدني ان اتوقف عن تناول دوائي اليوم لأسهر وابقى قربه ! لا اعلم ماذا انصف هذا شوق ام غباء !
هز رأسه وتضحك قائلاً :لماذا لا تستقلين ساشا لا يمكنني تخيل مقدار الراحة التي ستكونين بها ان تركتيه! ايزعجك؟ اذاً تخلي عنه انه وغد جدا
ربتت على ظهره : انت تعلم انني لا اريد مغادرة منزلنا لذا لا استطيع ان استقل ربما علي ان افكر بذلك لاحقا والان سأذهب للمكتبة سأقرا بعض الكتب التي تساعدني في دروسي ريثما تنتهي
اومأ براسه : حسنا سأوصلك
-
'
-

 منسيّ | لانهاية لك في داخلي ...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن