نامت بعد تفكير طويل ، وحقاً لم تر ذلك الفتى! ، كيف للخيالات المرعبة أن تختفي فجأة؟ ، ومالسبب؟ ، أيمكن للكوابيس أن تختفي فجأة؟ دون عناء ولا ألف عام من العذاب كما خُيّل لنا حينما كانت تلطم على جباهنا؟، استيقظت بعد أن داعبتها أنامل الشمس ، قضت بداية يومٍ عادية ، إلتفت حولها الخادمات كالعادة ، وتبادلن الحكايا والضحكات ، تناست أمر ذلك الرجل الأسود الذي بان البارحة من العدم ، وتواجدت كايا ، وحدثتها فيوليت عن ما أنهت من إجراءات لشراء المبنى ، ومن ثم اعتكفت بقية اليوم في المكتبة تقرأ وتقلب ، قرأت كما من الكتب ، حتى تعبت ، فقررت أن تخرج وترى ما حولها ، وقفت وعدلت ناصيتها الذهبية ، نظرت حولها قليلاً فرأت باباً من أحد أبواب المكتبة يؤدي إلى ممرٍ غير الذي أتت منه ، فإنتابها الفضول ، وقررت أن تمضي ، دفعت مقبض الباب الكبير المزخرف برفق ، ففتح بسهولة ، مشت عبر الممر ، كانت إضاءته خافتة ، والنوافذ مفتوحة بشكل قليل جداٍ للتهوية ، مشت قليلاً أكثر ، وإنتهت عند بابٍ آخر ،
-لا يبدو أن هناك أحد .
لذا قررت أن تلقي نظرة ، دخلت فوجدت غرفة خافت الضوء خفيفة التهوية حالها كحال الممر ، ووجدت كماً هائلاً من الصور التي رتبت على طاولة وغُطيت .
- قال أليكسيس بأن جيمان كُلها وسيدها لي.
رفعت الغطاء من على إحدى الصور ، رأت صورة لشخصٍ إقشعر منه بدنها ، ليس خوفاً ، وبل ربما شيء من الوحشة أو شعور غريبٌ بالفراغ ، كان رجلاً عريض المنكبين حنطي البشرة ، أزرق العينين ، وفضي الشعر ، كان رجلاً يمكنك أن ترى قوته والأهوال التي كابدها من محياه ، كما لو أنه يبدو لها واقفاً ، ويهتف في حب الوطن ، وبالرغبة العارمة في حمايته ، شردت للحظات ، ثم قالت:
- كلي يقين بأنهُ الملك ألبرت جيمان ، والد أليكسيس.
أرادت أن تتابع التقليب لكنها تذكرت أنها أطالت اختفاءها وقد يقلق أحدهم ، غطت اللوحة ، وخرجت موصدة الباب ، عادت إلى المكتبة وأخذت كتاباً لم تنتهي منه بعد ، عادت تتمشى ببطئ في الممرات متوجهة لغرفتها وعندما جلست سمعت طرق أحدهم .
- تفضلي.
- أنا روز ، حضرة الدوق الوعد السيد كريس يود لقائكِ.
- أوه أهلاً ، به أخبريه أن يدخل.
أخذت الكتاب الذي يتكلم عن السحر وخبأته تحت وسادتة الأريكة مسرعة ، دخل كريس وألقى التحية ، كان يرتدي زي فرسان كعادته ، وكان شعره الأشقر الطويل مربوط يتدلى على كتفه الأيسر ، كان كريس دافئاً ومخيفاً في الوقت نفسه ، وكانت فيوليت تعتني به دائماً كأنها الكبرى.
- تبدين غريبة هذه الأيام .. فيو كيف حالك؟.
- مالذي تعنيه بالغريبة أنا مثل الفل!، وبكل خير يا أخي وأنت؟.
-لقد عدتِ إلى القراءة بنهم .
إنتفضت وقالت:
- كيف علمتَ ذلك يا كريس؟ ، أخبرتك روز؟؟.
تبسم كريس وقال:
- كلا لقد إنتظرتكِ لأربع ساعات.
- أربع ساعات؟ ،ولمَ لم تنادني؟!، كنتُ لأخرج لك!.
- لقد حاولت الفارسة تكليمك ولكنكِ كنتِ غارقة في قراءتكِ.
تذكرت أنها كانت تبحث بشدة وقلق ، لدرجة أنها غفلت عما حولها حقاً ؛ حاولت أن تغير الموضوع وقالت:
- من الغريب أنك لم ترافق أليكسيس يا أخي اللطيف ، فأنت تحب القتال.
جفل كريس وتوسعت عيناه ووقف قائلاً:
- فيو.... كيف علمتِ؟!.
لقد عثر لسانها ، وزاغت كلمة ماكان ينبغي أن تقولها فهذا ما علمته من ذلك الفارس الذي يسمى قسورة ، لم تجد بُدّاً وحدجته بجدية وقررت استعمال مهاراتها الدرامية وقالت بعد أن ذرفت دمعتين وغطت فمها بكفها من ضمن بروتوكولات البكاء المزيف :
- أنت وأليكسيس سيئان حقاً ... لكم أكرهكما ! .
إنطلت الحيلة على الآخر وسأل مصدوماً :
- لمَ؟!.
استغلت فيوليت الأمر لأن هذا التكتيك دائماً ما ينفعها ، وأجابت:
- أتعتقدون أني لن أنتبه ؟! ، وأني مجرد دمية غبية وجدت للزينة؟ ، تفعلون ما تريدون وتكذبون طيلة الوقت ، وبل لم يمر شهر واحد على إرتباطي به لكنه ذهب ليحارب سراً مع ملكٍ عجوزٍ قد يموت بعد يوم!.
إقترب منها وقال بجدية وقلق ونبرة خافتة:
- الملك... الملك ليس عجوزاً يا أختي إنه أصغر من أليكسيس بعامين!.
استفزها الأمر حقاً فإنتفضت صارخة لينتفض الآخر مفزوعاً منها:
- أهذا هو المهم الآن؟!.
كان مظهره وهو فارسٌ طويل عريض مفزوع إثر رد فعلها مضحكاً حقاً ، غطت فمها وهي تحاول كبت ضحكتها ، وتسائلت: لمَ كان علي أن أبلغ هذه المرحلة فقط من أجل سر قسورة ذاك؟ ، حتى لو كان وريث عرش مملكة قوية سريّ ، ما كنت لأبلغ هذا الحد... أعتقد بأني أفعل ذلك لأنه أفادني.
- أختي ، لم أكن أعلم أنكِ تفكرين هكذا .
كانت في أوج حزنه وندمه ، فقامت بحضنه وقالت:
- لا عليك يا أخي ، أتمنى فقط أن تتوقفا عن الكذب ، لأنه من المحرج أن يكون ابن الدوق وملك جيمان عبارة عن وغدين كاذبين.
![](https://img.wattpad.com/cover/340525209-288-k517867.jpg)
YOU ARE READING
فِينا!.
Historical Fictionنصف الكوابيس تأتي من النفس ، إذن ماذا لو كانت كل تلك المشاكل فينا؟ ، ماذا لو كنا قد صنعنا وشكلنا مشاكل حياتنا بأنفسنا ، ونسينا ثم إنتبهنا لها لنكتشف أنها تقهرنا وتؤرقنا ، ونسينا أننا صانعوها؟.